استلفتت البلدان
العربية وسائر اقطار الشرق الاوسط ، انظار الرحالة الغربيين منذ قديم الزمان ،
فاخذوا يرتادونها ، ويدونون مشاهداتهم ، وانطباعاتهم عنها. وقد كانت الدوافع الى
تلك الرحلات كثيرة متفاوتة ، يدخل فيها العلم والسياسة والدين والتجارة.
اننا
نجد بين اولئك الرحالين : الباحث الآثاري ، والمستكشف الجغرافي المحب للاسفار ، ومنهم من استرعت
اهتمامه معادن هذه الاقطار وسائر خيراتها وفيهم رجل الدين ، والتاجر ، والسياسي
والطبيب والمتتبع لاحوال الشعوب ، والمتطلع الى شؤون اخرى في هذا العالم الشرقي
المترامي الاطراف ، الذي يحوي كل ما تصبو اليه نفوس الغربيين.
وقد كان ما كتبه
اولئك الرواد ، في شتى الاغراض التي جاءوا من اجلها الى هذه الديار ، شيئا يفوق
الحصر ، ولا نجانب الصواب حين نقول ان عدد الرحلات الاجنبية التي وصفت العراق او
تطرقت لذكره ، قد يزيد على ثلاثمائة رحلة ، كتبت بلغات شتى : الانكليزية ،
الفرنسية ، اللاتينية ، الايطالية ، الاسبانية ، البرتغالية ، الالمانية ،
الهولندية ، التركية ، الفارسية ، وغيرها من لغات الغرب والشرق. وقد طبع جانب غير
قليل منها في اثناء القرون الاربعة الاخيرة ، على ان معظم طبعات تلك الرحلات ، قد
اصبح اليوم عزيزا في حكم النادر.
واحس ابناء العراق
بقيمة هذه الرحلات من الوجهة التاريخية والجغرافية والاجتماعية والاقتصادية ، فأخذ
غير واحد منهم يحاول الوقوف عليها والاقتباس من فوائدها. وعمد رهط منهم الى امهات
تلك الرحلات ، فنقلها الى العربية ونشرها بالطبع تعميما لفوائدها. وكان من بينها
رحلات كل من : تافرنيه ، نيبور ، لانزا ، ريج ، فريزر ، بكنكهام ، بج ، ديولافوا ،
الليدي دراور ، فانيس ، هي ، ويكرام ، وغيرهم ممن يطول ذكرهم.
وما هذه الرحلات
المنقولة الى اللغة العربية. الا حلقات من سلسلة طويلة ، نرجو ان يأخذ بعضها برقاب
بعض فتتكامل على مر الزمن. فاذا تم نقلها الى العربية ، اتيح لابناء الضاد ان
يطلعوا عليها ويمحصوها بالنقد