يستفد كثيرا ،
فانهارت صحته بالاكثر ، واخذ يدنو من شفا الموت ، فاستسلم الرجل لمصيره واستعد
بهدوء كبير ... وكان علينا ان نهتم بامتعته ، فقد جرت العادة «في تلك البلاد» ان
يرث الباشا او الشابندر او الامير اموال المسافرين المتوفين. فهم يدعون بانهم
اسياد الاخرين وكل شيء يعود اليهم.
استدعينا الربان ،
وبعد ان لاطفناه بالكلام ، اقترح علينا «حلا للمشكل» ان ندعو المسافرين المسلمين ،
قبل أن يموت الفرنسي ، فيقر امامهم بانه كان قبطانا فرنسيا تاه في الهند ، ولذا
فليس له امتعة خاصة به ، الا ثيابه وعشرين عباسية فقط ، ثم يعرضها امامهم. وقبل ان نجري بالفعل ما أقترحه
علينا الربان ، وضعنا امتعة الرجل عند مساعده الذي كان فقيرا ومحتاجا.
في اليوم الثاني عشر
من ايلول (١٦٥٨) وصلنا الى الرماحية Romaia
... فازدادت آلام الفرنسي وساءت صحته ، فدعا زميله ومساعده فاعتذر اليه عن سيئاته
نحوه ، وترك له برضاه كل ما كان له من امتعة واذ كنا نتلو الصلوات من اجله اسلم
روحه ...
كان صاحبنا هذا
شابا لا يزيد عمره عن ٢٢ سنة ، وكان تقيا فاضلا ، وهو من نبلاء مقاطعة بريتانا «في
فرنسا» ... ذهب رباننا ليحيط القاضي علما بوفاة الرجل ، فارسل للحال من يتأكد
الخبر ويفحص الجثة ويضع جردا لامتعة المتوفى ، فلما علم ان ليس للميت ارثا يذكر ،
واطلع على وصيته بشهادة المسلمين الحاضرين ، قفل راجعا الى محله ، تاركا الارث
للملازم الذي اضطر فيما بعد ان يقاسم القبطان تلك الامتعة.
__________________