الشمس سمعنا صراخا
وعويلا ، فنهضنا فزعين معتقدين ان مركبنا وقع لقمة سائغة في ايدي الاعراب ، ثم
فهمنا ان النساء البدويات المسافرات معنا كن مصدر الصراخ ، وسبب عويلهن ان الرجل
اليعقوبي اقترب من محلهن ليسترجع عمامته وبعض امتعته التي سرقتها احدى النساء! هدأ
الصراخ موقتا ، ثم عاد بعد فترة قصيرة اكثر حدة ، فقد صعدت المراة البدوية فوق
مؤخرة السفينة وبدأت عويلا طويلا واخذت تصرخ وتدعو زوجها الذي كان قد نزل الى
اليابسة مساء اليوم الاسبق ، طالبة النجدة والثأر متهمة الشاب بالاعتداء على شرفها.
ولم يكن بالامكان تهدئتها ، فقد كانت تزداد صراخا وعويلا.
واذا بالاعراب
المتمركزين عند الشاطىء اخذوا يزحفون للقتال ، فقد طلب زوج تلك المرأة النجدة من
شيخ تلك المنطقة ليهب للدفاع عنه وعن شرف زوجته.
فصوبوا الينا
بنادقهم ووجهوا نحونا سهامهم ، واذا بتاجر مسلم اسمه يوسف ، رجل شهم ووقور ، قام
من مجلسه ورمى بنفسه الى الماء محاولا تهدئتهم ، متعهدا بان يقدم اي شيء لترضيتهم
، ثم صعد الربان الى المركب ، وقال باسم شيخ العرب ، بانه يأمر بحضور البدوية
والشاب اليعقوبي الى مجلسه ليحاكمهما ، نظرا لكون الجريمة وقعت في منطقته ، والا
فان الاعراب سيقضون علينا ، وعندئذ احاط الاعراب بنا من كل الجهات ...
عندئذ هبط ربان
الدانك مع بعض انفار العسكر فقادوا الشخصين المتخاصمين ، وتبعهم مسافرون كثيرون
بعد ان اقترب الدانك من شاطىء النهر.
اما نحن فقد لزمنا
موضعنا والسلاح في ايدينا وتأهبنا للدفاع ... وقد ارسل الشيخ ابنه ورجلا من اتباعه
، فاتوا على خيولهم الى حيث تجمع الاعراب لتهدئتهم ومنعهم من الهجوم.
نزل بعض الراكبين
الى الساحل ، وفي نزولهم فقد احدهم عمامته ، بينما اضاع واحد اخر سيفه ، فعلا
الضحك والاستهزاء وعمت الفوضى ، وبعد محاكمة شكلية ، حكم الشيخ الظالم على الشاب
بانه مذنب ، وهذا ما يحدث