قال عبد الحميد : فقلت لأبي غياث حفص بن عمرو إن هذه ليلة ختم الشيخ أبي يعلى فتعال حتى نذهب إلى مسجده ونشهد دعوته ، فحضر معنا ، فلما ختم القرآن وأشرف على رؤوس الناس ودعا بدعاء الختم ذكر في آخر دعائه أبا الطيب المصعبي ، فدعا عليه بالهلاك ، وعلى القرامطة ، ورماه بالزندقة والإلحاد ، وهو يومئذ وزير السلطان ودعا لأبي عثمان سعيد بن إبراهيم ابن معقل بالخلاص من المحنة ، ففزع أبو غياث من ذلك فزعا شديدا ولو وجد نفقا في الأرض لسلكه حتى لا يراه أحد ولا مني على استحضاره ، فلم يلبث إلا ليالي معدودة حتى ورد الخبر بأنّ الحشم قتلوا المصعبيّ شرّ قتلة ، وتخلّص أبو عثمان وأمن في نفسه وماله ورجع من بخارى سالما ، وتتبّع القرامطة حتى استأصلهم.
قال أبو جعفر محمد بن الحسين بن علي بن الحسين النسفي : شهدت جنازة أبي يعلى وهي موضوعة في المصلّى والناس يأتون أفواجا ، إذ غشيتنا أصوات الطبول حسب ما يكون في العساكر حتى ظننا أن جيشا قدم ، وكنا نقول في أنفسنا ليتنا صلينا قبل أن يغشانا ، فلما اجتمع الناس وقاموا للصلاة سكنت الأصوات كأن لم تكن.
قال : أخبرنا الشيخ أبو علي الحسن بن عبد الملك النسفي رحمهالله قال : أخبرنا أبو العباس المستغفري قال : أخبرنا أبو بكر أحمد بن عبد العزيز وأبو جعفر محمد بن علي قالا : أخبرنا أبو يعلى عبد المؤمن بن خلف قال : حدثنا أبو بكر محمد بن إسماعيل بقنسرين قال : حدثنا فتح ابن أيوب قال : حدثنا [١٠٥ ب] يزيد بن هارون قال : حدثنا سنان أبو العلاء عن أنس رضى الله عنه قال : قال رسول الله (ص) : «لا يقبل الله تعالى قولا إلا بعمل ، ولا يقبل قولا وعملا إلا بنيّة ، ولا يقبل قولا وعملا ونيّة إلا باتّباع السنّة».
٧٥٧. أبو يعلى عبد المؤمن بن عبد المجيد النّسفيّ
الشيخ الصالح الفاضل المتقن الثقة. من رأس القنطرة. روى عن إبراهيم بن معقل ومحمود بن عنبر وأحمد بن محمد العجنسي وغيرهم. كان من أخص أصحاب أبي يعلى ، عبد المؤمن بن
__________________
(٧٥٧) ب : الورقة ٤٣ ب ؛ تاريخ الإسلام ٤٦١ (حوادث ووفيات ٣٥١ ـ ٣٨٠ ه) وقال : إنه توفي عشر السبعين والثلاثمائة. وفي ٦٧٣ من نفس الجزء قال : إنه مات بعد الستين وهو نفس ما قاله النسفي في القند.
ورأس القنطرة : من قرى السغد كبيرة (الأنساب ٤ / ٥٥٣).