معرفة نفسه : فأن يعرف ضعفه أنه لا يستطيع أن يرد شيئا مما يقضي الله تعالى عليه. وأما معرفة عمل الله تعالى : فأن تعرف [٣٥ ب] أن الله تعالى لا يقبل إلا عملا خالصا. وعلامة الإخلاص : أن لا يطمع في الناس ، ولا يريد محمدة الناس. وأما معرفة عدو الله وعدوك : أن تعرفه في السر فتحاربه بالمعرفة حتى تكسره ، وتكون منصورا عليه.
وقال علي بن محمد بن شقيق البلخي : كان لجدي ثلاثمائة قرية ببلخ ، ويوم قتل بواشجرد لم يكن له كفن فيه ، وكان قدّمه كله ؛ وخفتانه وسيفه معلّقان إلى الساعة يتبرّكون بهما ، وكان بدو إنابته أنّه خرج وهو حدث في تجارة عظيمة إلى قوم من التّرك يقال لهم الخرلخيّة وهم يعبدون الأصنام ، فدخل يوما بيت أصنامهم ، فإذا خادم أصنامهم شيخ كبير قد حلق رأسه ولحيته ولبس ثيابا حمرا أرجوانية فقال له شقيق رحمهالله : يا شيخ! إنّ هذا الذي أنت فيه باطل ، ولي ولك ولهذا الخلق خالق صانع ليس كمثله شيء ، له الدنيا والآخرة ، قادر على كل شيء ، رازق كل شيء. فقال له الخادم ليس يوافق قولك فعلك يا عربي. فقال له شقيق : وكيف ذلك؟ قال : زعمت أنّ لك خالقا قادرا على كل شيء ، رازق كل شيء ، وقد تعنّيت إلى هاهنا لطلب الرزق ، فلو كان كما تقول : بأن الذي يرزقك هاهنا يرزقك ثمّ لتربح العناء! فقال شقيق : فكان سبب زهدي كلام التركي. فرجع وتصدق بما ملك وطلب العلم.
وقيل لشقيق : بأيّ شيء وجدت ما وجدت؟ قال : بثلاثة أشياء ، أولها : أني لما رأيت مؤونة نفسي على الله توكلت عليه ، والثاني : لما رأيت نفسي ضامنها الله اجتهدت فيما أمرني به ، والثالث : لما أن رأيت ربي مطلعا على قلبي أصلحت سرّي معه.
قال : أخبرنا الشيخ الإمام أبو حفص عمر بن أحمد بن محمد بن شبيب الديزكي رحمهالله قال : أخبرنا الشيخ أبو حفص عمر بن أحمد بن محمد بن شاهين الفارسي قال : أخبرنا الشيخ أبو سعد عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن إدريس الإسترابادي قال : حدثني محمد بن الفضل بن أحمد البلخي بسمرقند قال : حدثنا محمد بن زكريا بن يحيى الفارسي : ببلخ قال : حدثنا يحيى بن خالد المهلبي قال : حدثنا شقيق بن إبراهيم الزاهد قال : حدثنا عباد بن كثير عن أبي الزبير ، عن جابر رضى الله عنه قال : قال رسول الله (ص) : «لا تجلسوا عند كل عالم إلا عالما يدعوكم من الخميس إلى الخميس من الجهل إلى العلم ، ومن الرغبة إلى الرهبة ، ومن الشك إلى اليقين ، ومن الكبر إلى