وقال الماوردى ـ من
أئمة الشافعية ـ : عندى أن أسفلها دخله خالد بن الوليد رضى الله عنه عنوة ،
وأعلاها فتح صلحا.
قال النووى :
والصحيح الأول ، يعنى أنها فتحت صلحا كلها.
ومن أصرح الأخبار
الدالة على أن فتح مكّة عنوة : قوله صلىاللهعليهوسلم فى خطبته بمكّة يوم فتحها : «يا معشر قريش ، ما ترون أنى
فاعل بكم؟ قالوا : خيرا ، أخ كريم ، وابن أخ كريم ، قال صلىاللهعليهوسلم : اذهبوا فأنتم الطلقاء» وهذه الخطبة فى سيرة ابن إسحاق تهذيب ابن هشام .
قال ابن الأثير فى
«النهاية» فى حديث حنين : «خرج إليها ومعه الطلقاء الذين خلّا عنهم يوم فتح مكّة ،
أطلقهم ولم يسترقهم» إلى آخر كلامه.
وإذا كان هذا معنى
الطلقاء ، فخطاب النبى صلىاللهعليهوسلم لقريش ـ هذا الخطاب ـ يقتضى أنهم كانوا حين خوطبوا بذلك فى
الأسر المقتضى للاسترقاق ، لو لا أن النبى صلىاللهعليهوسلم تفضل عليهم بالإطلاق ، ولو لا ذلك لم يكن لاستعلامه قريشا
عما يتوقعونه منه محل ، كما لا محل لخطاب قريش بذلك بعد تأمينهم.
ويبعد الانفصال عن
هذا الدليل بجواب شاف ، إلا أن يقال : إنه مرسل.
وفى أصل هذا
الكتاب ـ فيما يتعلق بفتح مكة ـ فوائد أخرى ، مع بيان النظر فيما أجاب به النووى ـ
رحمهالله ـ عن الأحاديث المقتضية لفتح مكّة عنوة.
وفيما ذكره حجة
للإمام الشافعى فى فتح مكّة صلحا.
وفى أن دورها
مملوكة لأهلها ، والله أعلم بالصواب.
وهذا من النووى :
تأييد لقول الشافعى : إن مكّة فتحت صلحا.
وفى شرح مسلم
للقاضى عياض ، والمازرى ما يقتضى أنه انفرد بذلك ، ولم ينفرد به ؛ لموافقة مجاهد
وغيره له على ذلك ، على ما وجدت بخط سليمان بن خليل إمام المقام الشريف بمكّة ، فى
حاشية فى المهذب ، نقلها عن «الشامل» ، ولم يقل فيها «لابن الصباغ» وهو له ـ فى
غالب الظن ـ ، والله أعلم.
__________________