لونه ، وقطع الشراب ، فقيل له : ما بال أمير المؤمنين.
فقال : وقع في فكري أني أموت ، وأن أخي هارون (١) يلي الخلافة ، ويتزوج غادر (٢) امضوا فأتوني برأسه.
ثم رجع عن ذلك ، وأمر بإحضاره ، وحكما له ما خطر بباله ، فجعل هارون يترفق له ، فلم يقنع بذلك.
وقال : احلف لي بكل ما أحلفك به ، أنني إذا متّ لاتتزوج بها.
فرضي بذلك وحلف له أيمانا عظيمة.
ثم قام ودخل إلى الجارية وحلفها أيضا على مثل ذلك.
فلم يلبث بعدها شهرا حتى مات ، وولي هارون (٣) الخلافة ، وطلب الجارية ، فقالت: يا أمير المؤمنين كيف نصنع في الأيمان؟
قال : «قد كفرت عني وعنك».
ثم تزوج بها ، ووقعت من قلبه موقعا عظيما ، وافتتن بها أعظم من أخيه الهادي ، حتى كانت تسكر وتنام في حجره فلا يتحرك ، ولا ينقلب حتى تنتبه ، فبينما هي في بعض الليالي في حجره إذ انتبهت فزعة مرعوبة.
فقال لها : ما بالك؟.
قالت : «رأيت أخاك الهادي في النوم. وأنشدني :
أخلفت وعدي بعدما |
|
جاورت سكان المقابر |
__________________
(١) في الأصل : «هرون». على عادة القدماء.
(٢) في الأصل : «غادرا». ثم حذفت الألف.
(٣) هارون الرشيد : هو خامس الخلفاء العباسيين بلغت الدولة العباسية في عهده عصرها الذهبي جاء بعده ولده الأمين ثم ولده المأمون.