وما زال كذلك زمانا فوجد في بعض الأيام ميتا إلى جانب الدير.
وكان أمير البلد العباس بن كيغلغ (١) فلما اتصل ذلك به وبأهل الرها خرجوا إلى الدير وقالوا ما قتله غير الرهبان. وقال لهم ابن كيغلغ لابد من ضرب رقبة الغلام وإحراقه بالنار.
ولا بد من تعزير (٢) الرهبان بالسياط. وتصعب في ذلك. فافتدت النصارى نفوسهم وديرهم بمائة ألف درهم.
وكان الغلام بعد ذلك إذا دخل الرها لزيارة أهله صاح به الصبيان : يا قاتل سعد الوراق.
وشدوا عليه بالحجارة يرجمونه. وزاد الأمر بعد ذلك. حتى امتنع من دخول المدينة. ثم انتقل إلى دير سمعان (٣). وما أدري ما كان منه. انتهى.
[إسلام راهب] :
وذكر الشيزري أنه كان بعمورية (٤) راهب يسمى عبد المسيح أسلم فسئل عن إسلامه فقال : كان عندنا شاب فهوى جارية نصرانية ، تبيع الخبز ، فكان لا يبرح ناظرا إليها ، فلما علمت به سلطت عليه الصغار ، يضربونه ، ويصيحون عليه ، فكانت تفعل به ذلك كل يوم.
__________________
(١) العباس بن كيغلغ : لم نهتد إلى ترجمته.
(٢) التعزير : تأديب دون الحد. وأصله من (العزر) : بمعنى الرد والردع. (المغرب : ٢ / ٥٩ ـ عزر).
(٣) دير سمعان : أربعة مواضع عرفت بهذا الاسم. منها : دير سمعان قرب المعرة يقال فيه قبر عمر بن عبد العزيز ـ يستبعد ذلك ياقوت ـ في كتابيه.
والدير لم يبق منه أثر. لكن ضريح الخليفة رمم مؤخرا. ويقع بجانب قرية دير الشرقي. جنوبي تلمنس.
(٤) عمورية : بلد في بلاد الروم غزاها المعتصم. وهي المشهورة. وهناك بليدة على شاطئ العاصي بين فامية وشيزر فيها آثار خراب ـ أيام ياقوت ـ وفيها رحى ... علّها المقصودة ، فالمؤرخ شيزري يروي أحداث عصره وبلده.