وابن العود المذكور كان من الحلة (١). وهو عندهم إمام يقتدى به في مذهبهم وفيه مشاركة في علوم شتى. وحسن عشرة ، ومحاضرة بالأشعار والتواريخ والحكايات والنوادر.
ولما توفي ـ إلى لعنة الله ـ رثاه الجمال إبراهيم العاملي فقال :
عرّس بجزّين يا مستبعد النجف |
|
ففضل من حلّها يا صاح غير خفي |
نور ترى في ثراها فاستنار به |
|
وأصبح الترب منها معدن الشرف(٦٤ و) م |
فلا تلومون إن خفتم على كبدي |
|
صبرا ولو أنها ذابت من اللهف |
لمثل يومك كان الدمع مدّخرا |
|
بالله يا مقلتي سحّي ولا تقفي |
لا تحسبن جود دمعي بالبكاء سرفا |
|
بل شحّ عيني محسوب من السرف |
وهي أكثر من هذه الأبيات.
ولما بلغت هذه الأبيات جمال الدين محمد بن يحيى بن مبارك الحمصي ؛ وهو من أكابر أهل مذهبهم فقال رادا على ناظمها :
أرى تجاوز حد الكفر والسخف |
|
من قاس مقبرة ابن العود بالنجف (٢) |
ما راقب الله أن يرمى بصاعقة |
|
من السماوات أو يهوى بمنخسف |
وأعجب لجزّين ما ساخت بساكنها |
|
بجاهل لعظيم الزور مقترف |
وقد تحيرت فيما فاه من سفه |
|
ومن ضلال وإلحاد ومن سرف |
ومنها :
ما أنت إلا كمن قاس منطقة البيت |
|
المحرّم ذي الأستار بالكنف |
ولا أقول كمن قاست جهالته |
|
الدّر الثمين بمكسور من الخزف |
أو من يقيس الجبال الشامخات بمنحط |
|
الحطيم وعرف المسك بالجيف |
ومن يقيس النجوم الزاهرات إذا |
|
سمت إلى أوجها والسعد بالخزف |
__________________
(١) هناك عدة مواضع عرفت بهذا الاسم ـ سبق وعرفنا أشهرها ـ علّه ينتمي إليها.
(٢) المقصود النجف الأشرف في العراق. وله قدسية كبيرة عند الشيعة.