تكلم عن حالة البلاد ، مبديا لي الصعوبات التي يكابدها بسبب وضعه على حدود سلطتين متنافستين لا تنفك الأولى عن اضطهاده في طلب الجزيات والضرائب ، والثانية وهي السلطة المنقاد إليها حكما ، أي سلطة الأتراك الذين كانوا يلحفون عليه أن لا يخدم الإيرانيين ، ولا يؤدي لهم المال ، ومع هذا فلم يتمكّن الأتراك من الدفاع ، ولم يرغبوا فيه عندما نفذ ما أراده شهزادة كرمنشاه بالقوة. وقد أشار إلى النتائج الوخيمة التي تورثها هذه الإدارة المزدوجة في خيرات البلاد وازدهارها ، مشيرا إلى كل ذلك بتواضع ودراية ، كما بين رغبته في الانقياد إلى أغراض باشا بغداد مخلصا. وفي الواقع إنني أعتقد بأنه يميل كل الميل إلى الأتراك بدوافع دينية ، ولكن من السهل أن نرى أن أغراضهم لم تكن مقبولة كل القبول وأن الأكثرية الساحقة في هذه البلاد لا تكنّ الاحترام للعثمانيين أو الثقة بهم ، وهم لا يستحقونهما. إن إدارتهم السياسية إدارة عمياء ، متعجرفة ، خداعة ، فبفطنة قليلة وباسترضاء يسير وباحترام كاف للشعور بالسنية بين الكرد المتعصبين الذين يمقتون طائفة الإيرانيين ، كان باستطاعة العثمانيين توثيق أواصر الولاء بينهم وبين شعب جسور كثير العدد ـ يقطن في أهم مناطق حدودهم ـ ويعطي الرجحان للكفة التي يختارها حين يحين الآوان. فهنالك الآن لعبة تلعب ، يصعب استكناه الغامض من حيلها. ولكن من الواضح أنها قضية «مقابلة الخدعة بالخدعة». وذلك أن باشا بغداد يسعى إلى خدع كل من باشا كردستان وشهزادة كرمنشاه في الوقت الذي يخدع فيه شهزادة كرمنشاه كلّا من باشا بغداد ، وباشا كردستان. وهم بمجموعهم وعلى انفراد يسعون بدورهم إلى غش الباب العالي ، الذي سيخرج ولا ريب متضررا من القضية أكثر من غيره ، والذي يسعى في كل الأمور ليجعل من نفسه العدو المشترك ؛ هذا ولا دخل لي بكل هذه الأمور. وإن الموقف الذي أنا فيه اضطرني أن أكون إلى جانب تركية ، ولو بصورة سلبية على الأقل ، وقد سعيت أن أبين ذلك بجوابي. وبعد