تنم ليلة أمس لمخاوفها منه. وهذا النهر ينبع من جبال كردستان القائمة على مسافة قليلة من يمين طريقنا ، وتستغل مياهه في الصيف في الإرواء ولا يزيد في الخريف عمق مياهه على القدم ونصف القدم ، وإننا نستند بقولنا هذا على خبرتنا السابقة إذ عبرناه في شهر تشرين الأول من سنة ١٨١٣ في طريقنا إلى استانبول. أما وقت فيضانه وخطورته فهو الشتاء والربيع حيث تهطل الأمطار الغزيرة على الجبال فجأة فيصبح متفرعا ، تملأ المياه مجراه كله وهو نصف الميل عرضا فيجري جريانا سريعا مخيفا جارفا معه الصخور العظيمة. وقد يباغت سيله وفيضانه المسافرين وهم وسط مجراه ، ومن هنا نشأت مخاوف آمنة خاتون ..
وقد ذكره بطليموس باسم (كوركووس ـ Gorgus) وزه نيفون باسم (فيسكووس ـ Phiscus) ودانفيل باسم (اودورنه ـ Odorneh).
وفي الثانية وصلنا (طاووق) ولجأنا إلى مكان مريح ، ولقد استغربت للأمر. فإن منظر القرية منظر قذر وهي تقع في سهل خصب ، غزير المياه. ومن بقايا الخرائب الكثيرة التي تحيط بالقرية من كل ناحية يبدو لنا أنها كانت فيما مضى مدينة واسعة الأرجاء. وكل ما بقي منها هو من عهد الخلفاء الذين يبدو والحق يقال ، إنهم كانوا حكاما مثقفين إنسانيين كغيرهم ممن سبقهم من الحكام ، وإن البلاد كانت غاصة بالنفوس في عهدهم كما كانت في عهود سميراميس وخسرو وغيرهما.
و (طاووق) أو (داقوق) في العصر الثالث عشر كانت مركز الأبريشية الكلدانية ، وكانت ولا ريب تشتمل على عدد كبير من المسيحيين ولا يزال يشاهد فيها أنقاض ما يسمونها بالكنيسة.
٢ أيار :
قضيت ليلة مزعجة لا راحة فيها ، ساورت النوم خلالها الأحلام المزعجة مما جعلني أفضل الأرق عليه. وغلبني النوم عند الفجر ، وعندما