وفي العاشرة والدقيقة الخامسة والعشرين انعطفنا إلى الجنوب الغربي نحو قرية (ده ركه زين) ، والتلال التي تشطر السهل تنعطف نفس الانعطاف ثم تنتهي مباشرة بصورة تدريجية. وتقع (ده ركه زين) تحت سلسلة صغيرة من التلال الآتية من (ده ربه ند) وتمتد نحو التلال التي تشطر السهل ، وهي تنتهي قبل الاتصال بها تاركة فجوة في القسم الغربي من سهل (بازيان). وصلنا إلى القرية قبل الحادية عشرة بعشر دقائق ونصبنا الخيام في أرض مخيمنا السابق.
كان سكان القرى التي مررنا بها بأجمعهم في حقولهم يجمعون محصول الأقطان ، وكان منظرهم مبهجا فرحا ، بل منظرا فريدا ، إذ إن الطرق في الشرق كله تكون عادة هادئة خالية ، إلا في مثل هذا الموسم. وسكان قرية (ده ركه زين) من أصل تركماني ، وهم لا يزالون متمسكين بلغتهم ، ومظاهرهم تميزهم تمييزا كافيا عن القرويين الكرد. ويسرني أن أذكر بأن عمر آغا ، صديقنا العظيم ، لا يزال مهماندارنا. إنني راجعت الحكومة في السليمانية لتعيد إليه بعض القرى التي انتزعت منه بطريقة مزرية. وقد وعدوني بذلك إرضاء لي ، فبقي عمر آغا في السليمانية لاستلام القرى ، غير أنه أرفق أغلب رجاله معي. إن ما يقارب المائتين من الرجال يعدون من محسوبيه ، ويعتمدون عليه في عيشهم. وفي كردستان تصبح عائلة كهذه العائلة عشيرة آجلا أو عاجلا. وقد تعلق بي اثنان من أتباعه وهما «فقي قادر» و «آوره همان» ـ عبد الرحمن تعلقا شديدا ، فكانا يتبعانني أينما ذهبت ويقتفيان كل حركاتي. فإذا وقفت وقفا بجانبي ، وإذا نظرت إلى شيء أصغيا إلي وتفرّسا في وجهي أولا ثم وجها نظرهما إلى الاتجاه الذي أنظر إليه ، وقد كانا أتبع لي من الظل.
وصل الليلة «آولا» ـ عبد الله ـ نجل عمر آغا الأصغر ، وهو طفل في السابعة من عمره ، إلى مخيمنا من السليمانية ، ومعه صبي آخر لا يتجاوزه في العمر كثيرا. إنه استأذن والده بمرافقتنا ، وعلى إثر إجابة والده له