الفاضل حزينا. لقد أرسل ابنه الأكبر عبد الرحمن بك وهو صبي في السابعة من عمره قبل ثلاثة أيام إلى كرمنشاه رهينة ، وأصيب ابنه الصغير أخيرا بالجدري كما دبت فتنة كبيرة بين عائلته. لقد ضايقه عثمان بك مضايقة شديدة بإجباره على الكلام معي لكن حديثه كان سطحيّا لشدة وطأة الحزن عليه. وجاء أحمد بك لمقابلتي ، وهو الشيخ الكردي العجوز الذي أرسل الباشا في طلبه من أجلي. إنه ، وهو لم يتجاوز الثانية والتسعين من عمره ، شيخ جميل المحيا ، إلا أن ذاكرته أصبحت مشوشة بحيث بات من الصعب الحصول على جواب مباشر منه لما تسأله عنه إلا إذا بقيت مترقبا الوقت الذي يخطر له فيه خاطر فيبدأ الحديث بنفسه ؛ ففي ذلك الوقت وحده تستطيع معرفة ما تريد معرفته منه. وعندما عرف حقيقة أمري قال على الفور «آه ، نحن أقرباء وقد كان أجدادنا أقرباء» إنه يقصد بكلامه ولا ريب ، ذكر قصة كيخان الفتاة الإنكليزية والفقيه أحمد الزعيم الكردي ، تلك القصة الرومانتيكية. ولكنني عندما استوضحته المزيد انتكس وتراجع. وقال لي الباشا إنه بانتهازه فرصة جمع أشتات أفكاره استطاع الحصول على المعلومات التالية ـ «إن بابا سليمان كان أصغر إخوته الاثني عشر ، وكان اسم والده مير سليمان (١) وسمي بابا سليمان بهذا الاسم لوفاة والده قبل ولادته ، وقد استولى على جميع هذه البلاد بعد أن طرد الأتراك والإيرانيين منها ، ولم ينل كل ذلك دون جهد كبير وطالع متباين ، وأخيرا تواطأ الأتراك والإيرانيون عليه فطردوه من كردستان السفلى ، فاستقر عندئذ في راوندز (٢) وترك قرينته وأولاده فيها
__________________
(١) مير سليمان ، هو النجل الأكبر لمير محمود أو محمود بك ، بك بيشدر. وعليه فإن بابا سليمان حفيد مير محمود الذي يسند البعض مخاطر كيخان الرومانتيكية إليه. والكثيرون يرجعون بذلك إلى ما قبل عهد بابا سليمان بمدة بعيدة.
(٢) راوندز قلعة إحدى العشائر الكردية المستقلة ، وكان آمرها مصطفى بك. وهي قائمة فوق جبل مرتفع جدّا من جبال زغروس ، وقد بتره الزاب من أحد جانبيه ، وليس في