الذي يحد سهل (أحمد كلوان) والذي اجتزناه في طريقنا من السليمانية إلى أحمد كلوان بالطريق المسمى (تاريله ر) (١) وبعد أن استرحنا وأرحنا الحيوانات فوق قمة جبل (بي لوو) استأنفنا السير في العاشرة والنصف. كنا نسير وكأننا في لجة من الجبال تحيط بنا من اليمين واليسار ، لقد كان البعض منها يمتد في خطوط مستقيمة والبعض الآخر متكسرا ، متشابكا تشابكا يستحيل على المرء تخطيطه ، ويبدو أن الأرض كانت مغمورة بصفيح الأردواز وبالجبس والصوان.
وبعد قليل وصلنا قمة المرتفع ، وبهبوطنا منه دخلنا حدود المنطقة البابانية ، وكان المنظر رائعا بهيجا ، وقد أخذ الطريق بالهبوط توّا إلى واد عميق ضيق لا يمكن للعين أن تدرك قعره ، ثم ترتفع الأرض ثانية في الجانب المقابل إلى ارتفاع أعلى من المستوى الذي نحن فيه ، تعلوه قمتان (٢) تصل بينهما صهوة ، الشمالية منهما على هيئة غريبة التكوين كنا شاهدناها من (سويرآوا). لقد كان منظر البلاد خلابا فهي غنية بأشجارها ووفرة قراها الخضراء الزمردية ، لقد كانت في مجموعها جميلة جذابة ، وسلاسل الجبال وهيئتها تتكسر تكسرا بديعا ، وكان اللون الغالب للتربة هو الأحمر الغامق ، يتخلله اللونان النحاسي والأخضر الزمردي عند جوانب التلال حيث حددتها سيول المياه وانهارت جروفها. لقد استغرق هبوطنا الساعتين ونحن نمر من بين الغابات الجميلة إلا في بعض الفترات القصيرة جدّا. وكان النزول هدودا ، وما كان الطريق رديئا كما يتوقعه المرء وهو في أرض جبلية كهذه ، ولا ريب أنه ليس هناك من أمر يبدو أكثر وضوحا من الفرق بين «كردستاننا» وإيران إذا ما تأمل فيهما المرء من هذه البقعة. إن ما نراه هو أن التربة ذاتها قد تغيرت في طبيعتها وفي
__________________
(١) والصحيح (تاريه ر) وهذا ما يعرف به اليوم ـ المترجم.
(٢) تقع هاتان القمتان في منطقة (سي وه يل).