أرغب فيها ، وألح عليّ في ذلك إلحاحا ، ولما رأيت إصراره أجبته بأنني سأكون ممتنا جدّا لو أرسل إليّ أي كتاب يعثر عليه ويعتقد بإعجابي به ، فلم يقنعه جوابي هذا وألح عليّ أن أعين الكتاب فقلت له بأنني بعد رجوعي إلى موطني سأبحث عن الكتب التي أحتاجها فأخبره بها فأجابني عند ذاك بأنه سيفتح معاملة معي ، أي أنه سيكتب إليّ عما يريده لأرسله له على أن أفعل مثله. وبعد مكوث قرابة ساعة ودعته ، فنهض وصافحني وأسمعني الكثير من كلمات المجاملة وأصر لأخبره عن رضائي التام عنه. سيرحل الخان اليوم من (بانه) في طريق عودته إلى (سنه) ، وهذا يبعث الفرح في نفوس سكان هذه الديار.
رحلنا من (بانه) بعد الظهر بنصف ساعة ، وبعد أن قطعنا السهل باتجاه شمالي غربي دخلنا واديا ضيقا ، تحيط به تلال مكسوة بأشجار البلوط ، واستمر سيرنا فيه حتى الثانية إلا ربعا ثم ارتقينا سلسلة تلال صغيرة حائدة عن الطريق ، وفي الثانية وصلنا قرية (سوويروه Swearwea (١) الصغيرة الحقيرة فوقفنا عندها. ووجدت أننا قطعنا الكفاية من المسافة في مرحلة اليوم الأول ، إذ بدأنا السير متأخرين. وهذا يوم عودة الحمى على الكثير من جماعتي. وكان يقصد عبد الله بك مرافقتي حتى هذا المكان ، ولكنه ارتأى بأنه يكون أعظم فائدة لنا إذا تخلّف عنا ليرسل الباقي من الأمتعة إلينا ويطلق بأمان وسلام المكاري المسكين الذي حميته ، ولذلك ودعته في (بانه) وهو الرجل الوحيد في هذه المنطقة الذي أسفت لفراقه ؛ إنه شاب طيب خدوم ، مرح.
سار فتى بجانب جوادي من (بانه) إلى هذه القرية ، وسألته عن مهنته فأجابني أنه إسكافي ، فوددت أن استطلع ما يدفعه سنويّا للحكومة فأجاب أنه يدفع تومانا واحدا ضريبة في كل خمسة عشر يوما ، ولكن منذ
__________________
(١) والصحيح سوير آوه ـ أو آواSo ? r ـ Awa أي «القرية ذات الماء المج» ـ المترجم.