من المناطق الجبلية الأخرى قد ألفوا ممرّا اصطفوا على طرفيه ، وكذلك السربازيون ، أو الجنود النظاميون وقد حيوني التحية العسكرية بالسلاح ، وما كانوا بأحسن من رفاقهم الذين شاهدناهم في (سنه) ، وكان عددهم قرابة المائة والخمسين جنديّا. وكانت القلعة أو القصر ، أو مهما أطلق عليها من اسم ، محلّا بشع المنظر. وجدت الخان جالسا في إيوان غير مملوج بالجص ، تحيط به كمية من البطيخ ، فنهض ليستقبلني ، مادا يده إليّ وإلى المستر (به ل). لقد خبت فيما كنت أظنه فيه من السلوك والمظهر. وكنت أتوقع أن أرى فيه أنفة وأناقة داود باشا بغداد ولكنني وجدته إيرانيّا اعتياديّا خشن المظهر أو بالأحرى مستهجنا ، أو شبيها لما نعبر عنه بالرجل الطيب ، المتواضع الذي لا تلمس الطلاوة في حديثه الذي يقتصر على توجيه بعض الأسئلة المقتضبة وإبداء الملاحظات القصيرة. وكانت قامته أطول من المتوسط ، وله وجه قصير مكتنز ولحية خطها الشيب ، وحاجبين أسودين كثين كانت استقامتهما وتقطبهما تغطيان أعلى وجهه سحنة لا ترتاح إليها النفس.
ولا بد لي من الإشارة هنا ، إلى أنني لم أر مطلقا إيرانيّا جليلا ظريف الشمائل ، ولعل لباسهم هو الذي يحرمهم من مظاهر الظرف ، إن أطوارهم الخشنة الفظة ، وتكلمهم بصوت جهوري أصبحت من الأساليب المعتادة لديهم تقليدا لرجال القبائل ، وبطانات القصور ؛ وما هم عندي إلا أوباش متأنقون. وكان يجلس مع الخان ، موسى خان حاكم (سه ردشت) الذي كان يزور الوالي وسلطان (ساقز) ، وهو من المقربين إليه وسلطان (بانه). وجلس عمر آغا إلى جانبهم ؛ وكان في جلوسه غير متكلف قليل الاكتراث وكان أوفرهم حرية وأكثرهم جرأة الأمر الذي جعله يظهر كالأمير بينهم. وقف نجلا الخان وراء النافذة وهما على رأس جماعة من الخدم المسلحين ، فنجله المقرب إليه محمد علي خان وهو الذي سيقترن بابنة الشاه في عيد النوروز المقبل ، كان ولدا غليظا أسمر