ذكر سجنه لابن تاج العارفين وقتله لأولاده
وكان الشيخ الصالح شمس الدين ابن تاج العارفين ساكنا بمدينة كول (١٠٠) منقطعا للعبادة ، كبير القدر ، ودخل السلطان إلى مدينة كول ، فبعث عنه فلم يأته ، فذهب السلطان إليه ، ثم لما قارب منزله انصرف ، ولم يره.
واتفق بعد ذلك أن أميرا من الأمراء خالف على السلطان ببعض الجهات وبايعه الناس فنقل للسلطان أنه وقع ذكر هذا الأمير بمجلس الشيخ شمس الدين فأثنى عليه وقال : إنه يصلح للملك ، فبعث السلطان بعض الأمراء إلي الشيخ فقيّده وقيد أولاده وقيد قاضي كول ومحتسبها(١٠١) لأنه ذكر انّهما كانا حاضرين للمجلس الذي وقع فيه ثناء الشيخ على الأمير المخالف ، وأمر بهم فسجنوا جميعا بعد أن سمل عيني القاضي وعيني المحتسب! ومات الشيخ بالسجن!
وكان القاضي والمحتسب يخرجان مع بعض السجانين ، فيسألان الناس ، ثم يردان إلى السجن ، وكان قد بلغ السلطان أن أولاد الشيخ كانوا يخالطون كفار الهنود وعصاتهم ويصحبونهم ، فلما مات أبوهم أخرجهم من السجن ، وقال لهم : لا تعود إلى ما كنتم تفعلون! فقالوا له : وما فعلنا؟ فاغتاظ من ذلك ، وأمر بقتلهم جميعا! فقتلوا ثم استحضر القاضي المذكور ، فقال : أخبرني بمن كان يرى رأى هؤلاء الذين قتلوا ويفعل مثل أفعالهم! فأملى أسماء رجال كثيرين من كبار البلد ، فلما عرض ما أملاه على السلطان ، قال : هذا يحب أن يخرّب البلد! اضربوا عنقه! فضربت عنقه ، رحمهالله تعالى (١٠٢).
ذكر قتله للشيخ الحيدري
وكان الشيخ علي الحيدري ساكنا بمدينة كنباية من ساحل الهند ، وهو عظيم القدر شهير الذكر ، بعيد الصيت ، ينذر له التجار بالبحر النذور الكثيرة ، وإذا قدموا بدءوا بالسلام عليه ، وكان يكاشف بأحوالهم ، وربما نذر أحدهم النذر وندم عليه ، فإذا أتى الشيخ للسلام عليه أعلمه بما نذر له وأمر بالوفاء به ، واتفق له ذلك مرات واشتهر به.
__________________
(١٠٠) كول coul ,coel ,couil هي المدينة الحالية (aligarh) ، على بعد ٧٥ ميلا جنوب شرق دهلي ... وقد زرت جامعتها وحضرت مجلس الأساتذة بها في أبريل ١٩٧٥.
(١٠١) حول المحتسب ـ يراجع ٤٨١ ,iii.
(١٠٢) يراجع التعليق ٨٦.