ذكر نقيب الأشراف
ونقيب الأشراف مقدّم من ملك العراق ومكانه عنده مكين ، ومنزلته رفيعة وله ترتيب الأمراء الكبار في سفره ، وله الأعلام والأطبال ، وتضرب الطّبلخانة عند بابه مساء وصباحا ، واليه حكم هذه المدينة ولا والي بها سواه ، ولا مغرم فيها للسلطان ولا لغيره.
وكان النقيب في عهد دخولي إليها نظام الدين حسين بن تاج الدين الآوي (٧) نسبة إلى بلده آوه (٨) ، من عراق العجم ، أهلها رافضة ، وكان قبله جماعة يلي كل واحد منهم بعد صاحبه، منهم جلال الدين بن الفقيه ، ومنهم قوام الدين بن طاؤوس ، ومنهم ناصر الدين مطهر بن الشريف الصالح شمس الدين محمد الأوهري من عراق العجم ، وهو الآن بأرض الهند من ندماء ملكها ، ومنهم أبو غرّة بن سالم بن مهنّا بن جمّاز بن شيحة (٩) الحسيني المدني.
حكاية الشريف أبي غرّة
كان الشريف أبو غرة قد غلب عليه في أول أمره العبادة ، وتعلم العلم واشتهر بذلك ، وكان ساكنا بالمدينة الشريفة كرّمها الله ، في جوار ابن عمه منصور بن جمّاز أمير المدينة ، ثم أنه خرج عن المدينة واستوطن العراق وسكن منها بالحلة ، فمات النقيب قوام الدين بن طاؤوس فاتفق أهل العراق علي تولية أبي غرة نقابة الأشراف ، وكتبوا بذلك إلى السلطان أبي سعيد فأمضاه ونفّذ له اليرليغ (١٠) ، وهو الظهير ، بذلك ، وبعثت له الخلعة والأعلام والطبول
__________________
(٧) لم نقف على ترجمة شافية لنظام الدّين حسين بن تاج الدّين الآوي ويفترض گيب أن يكون القصد إلى محمد بن الحسن الأوقي ، هذا العالم الشيعي الذي كانت له صلة باعتناق الأمير الإيلخاني أولجايتو للمذهب الشيعي ... وأنه اعدم في شهر ذي القعدة ٧١١ ـ أبريل ١٣١٢ ... قلت : ولا أعلم صلة بين هذه الشخصية الأوقية والشخصية التي كانت السبب في تشيّع الأمير الإيلخاني ...
(٨) أوه بفتحتين قرية بن زنجان وهمدان ، اليها ينتسب أيضا الشيخ أبو علي الحسن بن أحمد بن يوسف الأوقي الذي لقيه ياقوت الحموي منقطعا للعبادة في المسجد الأقصى فسأله عن نسبه فقال : أنا من أوه وقال لي السلفي الحافظ : ينبغي أن تزيد فيه قافا للنسبة فلذلك قيل لي الأوقي.
(٩) تقدم الحديث عن الأشراف القتادات الحسنيين أمراء مكة وكذلك أبناء عمهم الأشراف الحسنيين أمراء المدينة يراجع كتاب (تاريخ أمراء البلد الحرام عبر عصور الإسلام). جمع عبد الفتاح رواه المكي ، مكتبة المعارف الطائف ١٩٨٦ ـ نشكر بالمناسبة الباحثة السعودية هالة التواتي ... هذا وقد استمر جمّاز بن شيحة أميرا على المدينة أكثر من نصف قرن ـ الدرر ٢ ، ٧٥ ـ ٢٠٤ (انظر ص ٢٨٥ تعليق ٧٧ وص ٣٤٤ تعليق ١٨٥).
(١٠) الكلمة : (اليرليغ) من أصل تركي (مغولي) وقد وقفنا على استعمالها حتى في الوثائق الدبلوماسية المغربية أيام الدولة العلوية ... ونجد ابن بطوطة هنا يعطيها اللفظ المقابل في الاصطلاح المغربي الأصيل : وهو الظهير بمعنى المرسوم الملكي ، ويرسمها أحيانا صاحب صبح الأعشى بالباء عوض الياء ـ د. التازي : التاريخ الدبلوماسي للمغرب ـ مصدر سابق ج ١ ـ ٧٢ ... عادل خلف : معجم ألفاظ ابن بطوطة غير العربية ص ١٢٠.