(٤٥) بدار أبي أيوب الأنصاري (٤٦) رضياللهعنه وأقام عنده سبعة أشهر حتى بنى مساكنه ومسجده.
وكان موضع المسجد مربدا لسهل وسهيل ابنى رافع بن أبي عمر بن عاند بن ثعلبة بن غنم ابن ملك بن النّجار وهما يتيمان في حجر أسعد بن زرارة رضياللهعنهم أجمعين ، وقيل كانا في حجر أبي أيوب رضياللهعنه فابتاع رسول الله صلىاللهعليهوسلم تسليما ، ذلك المربد ، وقيل بل أرضاهما أبو أيوب عنه ، وقيل إنهما وهباه لرسول الله صلىاللهعليهوسلم تسليما ، فبنى رسول الله صلىاللهعليهوسلم تسليما المسجد وعمل فيه مع أصحابه وجعل عليه حائطا ولم يجعل له سقفا ولا أساطين ، وجعله مربّعا طوله مائة ذراع ، وعرضه مثل ذلك ، وقيل : إن عرضه كان دون ذلك ، وجعل ارتفاع حائطه قدر القامة ، فلما اشتد الحر تكلم أصحابه في تسقيفه فأقام له أساطين من جذوع النخل ، وجعل سقفه من جريدها فلما أمطرت السماء وكف المسجد ، فكلم أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم تسليما رسول الله صلىاللهعليهوسلم في عمله بالطين فقال : كلّا! عريش كعريش موسى أو ظلّة كظلّة موسى ، والأمر أقرب من ذلك ، قيل : وما ظلّة موسى؟ قال صلىاللهعليهوسلم : كان إذا قام أصاب السقف رأسه ، وجعل للمسجد ثلاثة أبواب ثم سدّ الجنوبي منها حين حولت القبلة (٤٧) ، وبقى المسجد على ذلك حياة رسول اللهصلىاللهعليهوسلم تسليما وحياة أبي بكر رضياللهعنه.
فلما كانت أيام عمر بن الخطاب رضياللهعنه زاد في مسجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم تسليما وقال : لو لا أني سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم تسليما يقول : ينبغي أن نزيد في المسجد ما زدت فيه ، فانزل أساطين الخشب وجعل مكانها أساطين اللّبن ، وجعل الأساس حجارة إلى القامة وجعل الابواب ستة ، منها في كلّ جهة ما عدا القبلة ، بابان وقال في باب منها : ينبغي أن يترك هذا للنّساء ، فما رىء فيه حتى لقى الله عزوجل ، وقال :
__________________
(٤٥) بنو النجار فخذة من الخزرج ...
(٤٦) أبو أيوب ، خالد بن زيد ، من مشاهير صحابة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، أدركه أجله أثناء حصار القسطنطينية العظمى عام ٥٢ ـ ٦٧٢ لما غزا يزيد عاصمة البيزنطيين في خلافة أبيه معاوية ، دفن في أصل حصن القسطنطينية ، وقد اكتشف قبره عند ما احتلت المدينة عام ٨٥٧ ـ ١٤٥٣ من قبل آل عثمان ، ويعتبر قبره إلى اليوم مزارة مقصودة تحت اسم (أيوب) مما أوهم بعض الناس أنه قبر نبي الله أيوب الذي يوجد في سوريا على ما نعرف.
(٤٧) من المعلوم أن القبلة كانت أول الأمر في اتجاه بيت المقدس ، ولكنها لم تلبث أن غيّرت إلى مكة في السنة الثانية من الهجرة ويعلّق بلاشير بأن ذلك التحوّل تم لما يئس النبي صلىاللهعليهوسلم من استمالة اليهود!