فيسلمون وينصرفون يمينا إلى وجه أبي بكر الصديق ، ورأس أبي بكر رضياللهعنه ، عند قدمي رسول اللهصلىاللهعليهوسلم ، ثم ينصرفون إلى عمر بن الخطاب ، ورأس عمر عند كتفي أبي بكر رضياللهعنهما.
وفي الجوفى من الروضة المقدسة زادها الله طيبا حوض صغير مرخّم في قبلته شكل محراب يقال إنه كان بيت فاطمة بنت رسول الله صلىاللهعليهوسلم تسليما ويقال أيضا هو قبرها ، والله أعلم (٤٠).
وفي وسط المسجد الكريم دفة مطبقة على وجه الأرض مقفلة على سرداب له درج" يفضى إلى دار أبي بكر رضياللهعنه خارج المسجد ، وعلى ذلك السرداب كان طريق بنته عايشة أم المؤمنين رضياللهعنها إلى داره ، ولا شكّ أنه هو الخوخة التي ورد ذكرها في الحديث ، وأمر النبي صلىاللهعليهوسلم تسليما بإبقائها وسدّ ما سواها ، وبإزاء دار أبي بكر رضياللهعنه دار عمر ودار ابنه عبد الله بن عمر (٤١) رضياللهعنهما وبشرقي المسجد الكريم دار إمام المدينة أبي عبد الله مالك بن أنس (٤٢) رضياللهعنه وبمقربة من باب السلام سقاية ينزل إليها على درج ماؤها معين. وتعرف بالعين الزرقاء.
ذكر ابتداء بناء المسجد الكريم
قدم رسول الله صلىاللهعليهوسلم تسليما المدينة الشريفة دار الهجرة يوم الاثنين الثالث عشر من شهر ربيع الأول (٤٣) فنزل على بني عمرو بن عوف (٤٤) وأقام عندهم اثنتين وعشرين ليلة ، وقيل أربع عشرة ليلة وقيل أربع ليال ، ثم توجه إلى المدينة فنزل على بني النّجار
__________________
(٤٠) المنقول عن العلماء أن قبر فاطمة يوجد بالبقيع ... هذا وقد توفيت فاطمة حسرة على والدها بعد خمسة وسبعين يوما من وفاته ويعتقد البعض أن قبرها يوجد إلى جنب والدها ... وقد لقبت : «أمّ أبيها»
(٤١) عبد الله بن عمر بن الخطاب صحابي من أعزّ بيوتات قريش في الجاهلية ، غزا إفريقية مرتين ، آخر من توفى بمكة من الصحابة أدركه أجله عام ٧٣ ـ ٦٩٣.
(٤٢) مالك بن أنس مؤسس المذهب المالكي ، أحد الأئمة الأربعة عند أهل السنة ، سأله المنصور العباسي أن يضع له كتابا للناس يحملهم على العمل به فصنّف" الموطّأ" الذي يظل عمدة يرجع اليها المالكية ... أدركه أجله بالمدينة سنة ١٧٩ ـ ٧٩٥. وقد ورد ذكره كذلك في رحلة ابن جبير تعبيرا من الرّحالتين المغربيين عن اهتمامهما بالمذهب المالكي.
(٤٣) تبتدىء الهجرة مع مغادرة النبي صلىاللهعليهوسلم لمكة يوم الجمعة أول المحرم ١٥ يوليه ٦٢٢ ، وقد وصل إلى المدينة بتاريخ ثامن ربيع الأول : الموافق يوم ٢٠ شتنبر ٦٢٢.
(٤٤) تكوّن قبيلة الأوس مع قبيلة الخزرج وهما من أعظم قبائل المدينة ما أصبح معروفا في التاريخ الاسلامي باسم الأنصار.