بضيوف أميرهم ، ولكن بغير نظام ، ولا انضباط ، وكأن كل منهم كان يفعل ما يحلو له ، وبإرادته الشخصية. حدث كل ذلك في صمت مطبق : لم يصدر عن البدو أي صيحة ، والشريفان لم ينبسا ببنت شفة ؛ واكتفيا بالسلام علينا كما يسلم الشرقيون بوضع اليد اليمنى على الصدر ، ثم على الفم ، ثم على الجبهة. رددنا السلام بالطريقة نفسها ، ثم قادانا بعد ذلك ، يرافقنا ستون من البدو ، إلى بيت مجاور أعد لنا.
كان اسم المكان الهدى ، وكان قد أسس المنزل أو يسكنه على الأقل أحد المارقين من أهل موسكو لم أستطع الحصول على أي معلومة عنه ، وعلمت بعد ذلك بالمصادفة في القاهرة من أحد اليونانيين ، وكان يعرفه ، أنه من قدامى ضباط الحرس الذين تورطوا في الفتنة العسكرية عام ١٨٢٥ م ، عندما تسلم العرش الإمبراطور نقولاNicolas. ثم أفلح في الهرب ولجأ إلى إستانبول ، ولكن السفير الروسي ألح في طلبه ، وخوفا من أن تستجيب الحكومة التركية الضعيفة للمطالب المتكررة / ٢٣١ / لجارها القوي ، اعتنق الإسلام لكي يفلت من ثأر القيصر. ولّما أصبح يتمتع بالحصانة بسبب تخليه عن دينه ، فإنه ذهب للإقامة في الحجاز حيث قضى فترة طويلة ، ثم قضى أيامه الأخيرة في الأناضول. ومع أن أوروبيا كان يسكن ذلك البيت ، فليس فيه ما يذكّر بأوروبا : كان مربعا ، صغيرا جدا ، مبنيا بالحجارة فقط ، تمتد أمامه مصطبة ، ويحيط به عدد من الأفنية التي تطل غرفاته عليها.
كانت الغرف الرئيسية في الطابق الأرضي ، وكانت مغطاة بالبسط ، وقد أعدت لنستريح فيها ، خلوت بنفسي بضع ساعات للاستظلال ، بل قل للاستراحة ؛ لأنه لا