حياة تكاد تكون
منفصلة عمن سواه ، وهي حياة شبه مجهولة حتى في منطقة قريبة له كالحجاز ، وبالرغم
من ذلك ، ففي هذا البلد كانت وما زالت ـ إلى درجة معينة ـ تجرى حياة علمية نشطة ،
ويتمتع أهله بذوق فطري وأدبي قلما يتوفر في مكان آخر ، ولقد حفظوا هذا الأدب
وشجعوا المؤسسات التعليمية فأثمر هذا التشجيع عن انبثاق مجموعة من العلماء ،
والشعراء ، والنساخ الأذكياء ، والدليل على ما أذكره هنا هو وفرة الأعمال اليمنية
التي تحتوي عليها هذه المجموعة من المخطوطات.
سوف
تملأ الأعمال الأدبية اليمنية تلك الثغرات الموجودة في علمنا عن الشرق. كما ستلقى الوثائق المتخصصة
في «القرامطة» ضوءا جديدا على حياة هذه الفرقة الدينية التي جذبت في وقت سابق
كثيرا من الأنصار في الجزيرة العربية ، كما سيجد اليمنيون أن الأعمال المتعددة
التي أنتجها «أبو مخرقة بن المتوكل» وغيره من مشهوري رجال اليمن ، قد لعبت دورا جديرا في حياة
اليمن الأدبية والعلمية ، مما يؤهلها أن تكون خير شاهد ومؤرخ لهذا القطر في البلاد
الأوروبية.
سوف
يجد المتخصص في الأدب العربي متعته في مطالعة مجموعة من الدواوين الشعرية المتجانسة
والتي تفتقر إلى وجودها المكتبات الأوروبية ، فمن بين هذه الدواوين نسخة كاملة من
ديوان الأعشى هذه النسخة وإن لم تتوفر لها المقارنة العملية اللازمة ..
إلا أنها تعتبر اكتشافا جديدا في عالم الأدب ، كما أن جمهرة أشعار العرب لابن أبي
الخطاب سوف تكون معينا مفيدا للراغب في تحقيق الأدب القديم بصورة
كلية أو متفرقة.
إن
بعض هذه الوثائق الأدبية تعتبر بحق تحفا خطية مضبوطة ، بل ولم تترك شيئا نرغب في وجوده فيها إلا
واحتوته.
تمثل
هذه المجموعة أيضا الميدان التاريخي بصورة واسعة ، إلا أنها لم تحتو إلا على القليل في
تاريخ المدن المقدسة ، ولكننا نجد نسخة خطية من تاريخ «الذهبي» التي سوف يرحّب بها المحقق العالم لجزء من تاريخ الطّبري ،
إنّ الإنتاج السّيري «التّراجم» أدى خدمة جليلة في إخراج هذا الفهرس لحيز الوجود
فليس من الضروري أن تكون الأعمال الصغيرة أقل أهمية ، حيث إن الناس دائما يدرسون
الرسائل التاريخية المحدودة في