ليحسنوا إلى أسيرهم ، فإني عند قوم يحسنون إلىّ. وقل لهم : فليعرّوا جملي الأحمر ، ويركبوا ناقتي العيساء ، وليرعوا حاجتي في بني مالك ، وأخبرهم أن العوسج قد أورق ، وأنّ النساء قد أشكت ، وليعصوا همّام بن بشامة فإنه مشؤوم ، وليطيعوا هذيل بن الأخنس فإنه حازم ميمون ، واسألوا الحارث عن خبري.
فأحضروا الحارث فقال : أما الرمل فإنه يخبركم أنه أتاكم عدوّ لا يحصى ، وإشارته إلى الشمس فإنه يقول : ذلك أوضح من الشمس ، وأما جمله الأحمر فالصّمّان ، فإنه يأمركم أن تعرّوه ـ يعني ترتحلون عنه ـ وأما ناقته العيساء فإنه يأمركم أن تحترزوا في الدهناء ، وأما بنو مالك فإنه يأمركم أن تنذروهم ، وأما إيراق الشجر فإنّ القوم قد لبسوا السلاح ، وأما اشتكاء النساء فإنه يريد أن النساء قد خرزن الشّكاء ، وهي أسقية الماء ـ للغزو.
فحذر بنو العنبر ، وركبوا الدهنا ، وأنذروا بني مالك فلم يقبلوا منهم. ثم إن القوم أتوا بني حنظلة ، فوجدوا عمرا قد ارتحلت ، وإنما أرادوهم على الوقيط ، فاوقعوا ببني دارم بالوقيط ، فاقتتلوا قتالا شديدا ، فأسرت ربيعة جماعة من رؤساء بني تميم.
وأورد صاحب «النقائض» (١) من الشعر في يوم الوقيط قول عمير بن عمارة التيمي ـ من تيم الله بن ثعلبة من بكر :
مددنا غارة ما بين فلج |
|
وبين لصاف نوردها الدّيارا |
فما شعروا بنا حتّى رأونا |
|
على الرّايات ندّرع الغبارا |
__________________
(١) ص ٣٠٩.