السلام ـ يؤوي غنمه ، وبإزائها بئر كبيرة معطلة وبجانبها بركة ، يقال : إن هناك كانت البئر التي سقى منها موسى عليهالسلام غنم شعيب وبينها وبين مدين نصف يوم ، وهي بلدة على ساحل البحر ، كثيرة الفواكه والمياه الغزيرة ، وسكانها أعراب أهل بادية ، وكانت قبل ذلك مدينة ، يذكر أن أثر البنيان باق بها إلى الآن.
وقال النابلسيّ (١) : مغاير شعيب ، وتسمية العرب البدع ـ بفتح الباء الموحدة وسكون الدال المهملة وبالعين المهملة ـ وهو المنزل الثاني عشر من منازل الحاج ، وفيه عيون ماء جارية على وجه الأرض ، تجتمع فتصير كالنهر في أماكن كثيرة ، وماؤها حلو لطيف ، وإنما سميت مغاير شعيب لأن نبي الله شعيب عليهالسلام ـ على ما يقال ـ كان يتعبد في تلك المغاير التي هناك إلى الآن ، وله في مغارة منها بلاطة كبيرة مستوية يصلّي عليها ، وذكر لنا أن رجلا كان مرة هناك فشم رائحة طيبة ، فتتبع تلك الرائحة ، إلى أن وصل إلى تلك المغارة ، فوجد داخلها رجلا في تابوت بكفن أبيض ، ووجد تلك الرائحة الطيبة تخرج منه ، وعليه المهابة والنور والجلال فقال : لعله نبي الله شعيب. عليهالسلام. ثم أورد النابلسيّ من شعره :
من مصر قد سرنا لطيبة نقتفى |
|
أثر الدّليل وللوصول بشائر |
وتشعّبت طرق المسير بركبنا |
|
حتّى بدت لك يا شعيب مغاير |
ومن شعره :
لشعيب هاتيك المغاير ماؤها |
|
عذب زلال سائغ للشارب |
نقع الظّما تحت الهواجر والرّبا |
|
مخضّرة العذبات طلق جوانب |
__________________
(١) «الرحلة الكبرى» مخطوطة فينا الورقة ١٣.