النكاح في كتاب الله تعالى إلا على معنى التزوّج. وأيضا فالمعنى لا يقوى عليه لأنه يصير إلى معنى : الزاني لا يزني إلا بزانيةٍ ، وهذا ليس فيه طائل ، وعن بعضهم : إنها منسوخة بقوله : «وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ» (١) وقوله : «حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ» (٢) أي تتزوج.
وقوله (٣) : «النِّكاح : الضمّ» مجازٌ أيضا ، إلا أن هذا من باب تسمية المسبَّب باسم السبب ، والأوّل على العكس. ومما استشهدوا به قولُ المتنبي
أنكحْتُ صُمَّ حَصاها خُفَّ يَعْمَلةٍ |
|
تغشْمَرتْ بي إليك السهلَ والجبلا (٤) |
يقال : «أنكَحوا الحصا أخفافَ الإبل» إذا ساروا ، و «اليَعْمَلة» : الناقة النجيبة المطبوعة على العمل. و «التغشمُر» : الأخذ قهرا. يعني أخذَتْ بي في طُرُق السهولة والحُزونة.
ويقال : (نكَح) الرجلُ و (نكحت) المرأةُ ، من باب ضرَب ، و (أنكحها) وليُّها ، وفي المثل : «أنكَحْنا الفَرا فسنرى» (٥) ، قاله رجل لامرأته حين خطَب إليه ابنتَه رجلٌ وأبى أن يزوّجه إياها ورضيت الأم بتزويجه ، فغلبتِ الأبَ حتى زوّجتْ (٦) إيّاه بكرْهٍ منه ، وقال : «أنكَحْنا الفَرا فسنرى» ، ثم أساء الزوجُ العِشْرة فطلَّقها. يُضرب في التحذير من العاقبة. وإنما قلَب الهمزة ألفا للزِّواج (٧). والفَرا في الأصل : الحمارُ الوحشيّ ، فاستعارَه للرجل استخفافا به.
__________________
(١) النور ٣٢.
(٢) البقرة ٢٣٠. ومن قوله : «لأنه يصير» إلى «تتزوج». ساقط من ع ، ط.
(٣) ع ، ط : وقولهم.
(٤) ديوانه بشرح العكبري ٣ / ١٧١.
(٥) مجمع الأمثال ٢ / ٣٣٥.
(٦) ع ، ط : زوّجها.
(٧) أي للمزاوجة. وفي ع ، ط : «للازدواج». واصل الفرا : الفرأ ، والفراء.