٥٦ ـ الامام الصالح أبو حامد التّبريزي [... ـ بعد سنة ٥٨٨ ه]
هو أبو حامد محمد بن رمضان بن عثمان بن مهمت التّبريزي (١) ، ويعرف بالمهمتي ، ويكنى أيضا أبا بكر ، الفقيه الزاهد الصالح الورع ، إمام أئمة الزهد. ورد إربل في ربيع الأول سنة ثمان وثمانين وخمسمائة ، اثنى عليه العجم فغالوا (أ) فيه. ونقلت (ب) من خط أبي طاهر (ت) محمد بن أحمد بن عمر / البخاري جدّ ، الأرموي هو وأبوه ـ كذا بخطه ـ قال : «هو الامام العالم ، إمام الائمة ، بحر الحكمة ، مبين الشريعة ومظهر الطريقة والحقيقة ، الفقيه الزاهد ، حجّة الله على عباده في وقته» (ش). ورد إربل وانعكف الناس عليه لصلاحه ، وسمع عليه. وورد مرة اخرى ، ووصل الى الموصل فنزل بالتربة المجاهدية (٢) ظاهر البلد ، فزاره الأكابر والعلماء ، ولم يكن معه من مسموعاته شيء ، فخرّج الشيخ الامام العالم ابو (ث) السعادات المبارك بن محمد عبد الكريم ـ رحمه الله ـ من كتاب «الرسالة القشيرية» (٣) عدة أحاديث وسمعها عليه للتبرك به ـ رحمه الله ورضوانه عليه ـ واتيته بالموصل فأجاز لي وكتب خطه ، وكان معي قلم في آخره عقدة ، فقال : احذفها من القلم ـ أو كما قال ـ فقد جاء أنّها إذا كانت في القلم تورث الفقر. وكان شيخا طويلا كبيرا قد نهكته العبادة ، وبلغ منه الاجتهاد. فنزل إلى عين القيّارة (٤) التي تحت الموصل ، وهي عين على دجلة يخرج منها ماء حار اشد ما يكون من الحرارة ، وإلى جانبها اعين اخرى مختلط بعضها ببعض ، يخرج من واحدة ماء بارد ، ومن التي تلاصقها ماء حار ، وتقذف كل واحدة منهما قيرا يهدى إلى المواضع ، يعلك في الفم ، يزعم الناس ان تلك العين الشديدة الحرارة ترطّب الجسم ، فرأيته عريانا فيها ، وهو ـ رحمه الله ـ جلدة يابسة على عظام نحيفة. وكان لطيف الاخلاق ، غير نافر من أحد على ما به من الضعف والكبرة» (ج).