يقوم وكيل الخراج بإرسال المطبخ إلى العادلية ، وفى اليوم التالى يخرج إلى العادلية كتخدا الوالى وكتخدا الجاويشية ورئيس المتفرقة ورئيس المترجمين وكافة جنود الوالى والعلماء والصلحاء والأشراف والأئمة والخطباء والمشايخ لاستقبالهم ويكون فى هذا الموكب مائتين من ملازمى جنود الإنكشارية ، وينتظر الجميع عند باب القاضى ، ولا يوجد فى هذا الموكب أى جنود سوى المائتين جندى إنكشارى المذكورين ، وذلك لأن كافة من فى الموكب علماء.
ويقوم كتخدا الوالى بضيافة حضرة القاضى ، ويمتطى الجميع الجياد ، ويعبر الموكب أفواجا أفواجا كل على حسب طبقته ، حيث يعبر كتخدا الباشا مع كتخدا الجاويشية ثم يعبر جملة العلماء ، ويركب القضاة الخيل المزينة وهم هنا ليسوا فرسان الخيل بل فرسان البلاغة والفصاحة ، فصحاء اللسان بديعى البيان حفاظ الكتاب الكريم قال فيهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «علماء أمتى كأنبياء بنى إسرائيل» (١) ، فمنهم الأئمة والخطباء والمشايخ والسادات والبكرية ثم مفتيو المذاهب الثلاثة ، ثم يأتى بعدهم أغا ملازمى جنود الإنكشارية المشاة ، ثم جنود إنكشارية باب القاضى عسكر ، ثم المدرسين ثم المحدثين ثم القضاة ثم قسّام الجند ثم نائب الديوان ثم جملة السادات الكرام ، ثم نقيب الأشراف ثم جملة علماء الجامع الأزهر وكبير محضرى المحاكم وكتخدا قاضى مصر ثم شيخ الإسلام الحنفى مصطفى افندى البلوى ، ويسير هذا الموكب العظيم على دقات الطبول الأربع والعشرين ، والنفير حتى منزل كتخدا الباشا الوالى ويأتى الكتخدا إلى القصر ويبلغ الوالى سلام القاضى مولا مصر ، وفى نفس اليوم يخرج المولا لمقابلة الباشا الوالى.
__________________
(١) الحديث ليس بلفظة هذا ، إنما أخرج ابن ماجه فى سننه من حديث أبى الدرداء رضى الله عنه عن النبى صلىاللهعليهوسلم قوله : «.. إن العلماء ورثة الأنبياء لم يورّثوا دينارا ولا درهما إنما ورّثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظّ وافر». سنن ابن ماجه المقدمة (كتاب السنة) (١٧) ، باب فضل العلماء والحث على طلب العلم ، ص ٨١. حديث رقم ٢٢٣.