ومرتبات عام مسبقا فيجيبونه كذلك قائلين : تسلمنا ذلك وسجلناه ، وعندئذ يقول الباشا : اشهدوا بذلك ودونوه فى السجلات ، ثم يخلع على أمير الحج خلعة مذهبة ، وإذا كان مقربا إليه مختصا به يلبسه فرو السمور ، كما يخلع على الكتخدا ومحافظ القلعة وقواد الأوجاقات السبعة وحاملى اللواء وجاويشية المحمل وقاضى المحمل وإمامه والمؤذنين وأغا بيت المال من أغوات الباشا ، وكاتبه ، فيكون عدد من يخلع عليهم مائتين وعشرة ممن اشتركوا فى هذا الموكب.
ثم ينهض الباشا من مجلسه قائلا : (بسم الله الرحمن الرحيم) ويترك فرسه ويمضى على النعلين حتى يصل إلى الجمل الذى يحمل المحمل ويمسح بوجهه وعينيه المحمل الشريف ويقول : (بسم الله) ويمسك بالزمام الفضى للجمل ويطوف هذا الجمل فى الميدان غير مرة وبذلك يكون جمّال رسول الله صلىاللهعليهوسلم ويقوم بخدمته ويأمر جميع البكوات بالسير معه حفاة ويصعد العسكر صيحة عالية قائلين : (شفاعة يا رسول الله) ويرتفع دعاؤهم إلى عنان السماء ومن يرى الباشا على تلك الحالة وهو على صورة الجمال يبكى فلا يبقى فى الروح بقية.
ثم يوجه الباشا حديثه إلى أمير الحج قائلا : إن مكة والمدينة لسلطان آل عثمان وهو خادم الحرمين الشريفين وأنا فى يومى هذا وكيله وعبده المملوك وبمقتضى وكالتى سلمتك المحمل الشريف وأنا أستودع الله الحجاج السالمين الغانمين وقد عهدت إليك بهذا. هل تسلمت المحمل الشريف؟ فيجيبه أمير الحج قائلا : نعم تسلمته وبمجرد أن يتسلم منه الزمام الفضى للجمل فى يده يقول الباشا : اشهدوا بذلك ودونوه فى السجلات. ثم يجلس الباشا تحت ظلته. وبينما يسير أمير الحج المحمل الشريف تبدأ المواكب فى التحرك والحاضرون فى هذه الساعة يقيدون فى دفاترهم ما شاهدوه ويرفعون أصواتهم بالدعاء والحمد والثناء وتبدأ المواكب فى الانسحاب ، ويودع أمير الحج الباشا ويمتطى صهوة جواده ويولى وجهه شطر الحجاز.
عبور ما تحمله القافلة من أمتعة مع أمير الحج
يمضى آلاف الجمالة والعكامين وحاملى المشاعل بجمالهم ، ثم تمضى الجمال التى تحمل قرب الماء ، ثم تمر فرق الجبه جيه والعزب مع ستة مدافع ضخمة على المركبات وهم ثلاثمائة جندى ، ثم يمر بعد ذلك جميع أمتعة وخيام أمير الحج.