بغيا فى أحد الأكواخ تطلب منه خمرا وكبابا ب «پاره» (١) وفى التو يعطى من يذهب إلى السوق ٣ أقچات (٢) ليهيىء طلبه. ويضعون فى الخمر القرنفل الأبيض والطاطوله وصمغ الأذن ورماد الحصير. وإذا ما تناول هذا الشاب قدحا ثمل ومال كأنه غرارة الحناء.
وسرعان ما يجردوه من كل ملابسه وسكينه وخنجره ، وكيس نقوده ويحمله الرعاع دون أن يحقق مرامه ليطرحوه فى الطريق ولا يستطيع أحد أن يكشف سر من جرد من ثيابه وبقى عاريا هكذا. وإن كان لديه كثير من النقود قتلوه وأخفوا جثته دون أن يعلم أحد إلا الله.
وفى عهد «جان بولاد زاده» كثر القيل والقال عن وقوع مثل هذه الحوادث فأصدر الباشا أوامره إلى أحد رؤساء البوابين بهدم بيوت هؤلاء الفسّاق ، وعندئذ جمع الأغا المذكور ألفا من الزنوج والفلاحين فسووا بالأرض جميع الحانات ومضارب البوزة وبيوت الدّعارة ونفى جميع البغايا وطهر القاهرة من رجسهن.
والغرض من ذكرنا لهؤلاء هو تنبيه الغافلين حتى يتحرزوا منهم فى المناطق التى يجب التحرز فيها.
ـ شيخ الشحاذين :
له تكايا فى ميدان الروملى يجتمع فيها كل الشحاذين. وله اثنا عشر من الجاويشية يقفون عند باب الباشا وباب القاضى عسكر أفندى حتى يخبروا شيخهم بأى صوب يمضى الباشا فيحتشد الشحاذون على جانبى الطريق العام. ويبلغ عدد الشحاذين فى القاهرة ٩٠٠٠ شحاذ وهم مقيدون فى دفاتر شيخ الشحاذين وهم يتلقون الصدقات من الباشا والأعيان ويدعون الله لهم بالخير.
وإذا ما بسط شحاذ لسانه بالسوء فى حق أحد نبه شيخه بذلك ليقتص منه.
ـ أضحوكة أخرى :
وفى يوم خروج الكسوة الشريفة يركب شيخ الشحاذين حمارا وإلى جانبه أعور وأقطع وأقرع ومعهم عدة آلاف من الشحاذين. وهذا ما لا وجود له فى بلد آخر غير مصر.
__________________
(١) الپاره : العملة العثمانية.
(٢) الأقچه : وحدة النقد العثمانية.