الفصل الثامن والأربعون
وصف الموكب الثالث
وهو موكب رؤية هلال رمضان المبارك (أى موكب المحتسب)
لمدينة القاهرة العظيمة اثنا عشر موكبا للعيد ، منها الموكب العظيم لليلة المحتسب ويسميه الصوفية والعارفين بالله. «عيد النسوان» إذ إنه فى تلك الليلة لا يمكن التحكم فى النساء ، فهن يخرجن لمشاهدة هذا الموكب ، وشرط عقد الزواج هو الخروج فى هذا الموكب فى تلك الليلة. وهذا ما يقضى به قانون مصر.
وقبل هذا الموكب بأسبوع تستأجر الحوانيت فى الأسواق السلطانية بخمسة أو عشرة قروش أو قرش واحد أو يمضين إلى منازل معارفهن.
وخلاصة القول : من الرجال من لا يحق لهم سؤال أزواجهن أين كن فى هذه الليلة ، إنها ظاهرة عجيبة.
ولأنها الليلة الشريفة لشهر رمضان المبارك فإن جميع أهل القاهرة يبتهجون ويسعدون وتظل جميع حوانيت الأسواق السلطانية مفتوحة فى تلك الليلة حتى الصباح ، وتزدان القاهرة بعدة آلاف من القناديل ، وكل أحد يزين واجهة حانوته بسلعه ، وينتظر كل أحد مع أحبابه وأصدقائه موكب المحتسب.
أصل الاحتفال بهذا الموكب :
وأصل الاحتفال بهذا الموكب هو أنه فى عهد () (١) وقع الشك فى معرفة غرة شهر رمضان المبارك ، وعجز جميع العلماء والأعيان والبكوات وأعضاء الديوان عن معرفة ذلك اليوم. وفى آخر الأمر فى الليلة التاسعة والعشرين من شهر شعبان المعظم أرسل المحتسب بك إلى قاضى عسكر مصر يقول له : إنه ينبغى أن يكون لكم علم بيوم الشك.
وتلقى المحتسب مع موكبه خبرا أكيدا من قاضى العسكر أفندى ، وبشر السلطان بذلك والآن ومنذ ذلك الزمان يمضى جميع الناس إلى باب الشريعة تعظيما واحتفاء
__________________
(١) بياض فى الأصل.