كلب النيل كبد التمساح فى بطنه ، ويشقها ويخرج منها ، وينفق التمساح ، لذلك يحتفظ الفلاحون الذين يسكنون شاطئ النيل بأحد أفراد كلب الماء هذا ليأمنوا شر التماسيح.
حكمة عجيبة
ويا لها من حكمة عجيبة إنه حينما يصطاد صياد والسمك كلب النيل هذا يقطعون ذكره ويطرحون الكلب فى الماء ويطلقون سراحه. لأن المصابين بالحمة المحرقة أو الذين يعانون من آلام مبرحة إذا ما حملوه كان لهم نافعا. بعد ذلك يعيش كلب النيل بلا ذكر ، فإذا وقع فى شباك الصيادين ثانية رقدوه على ظهره ورفعوا ذيله ، فإذا وجدوه بلا ذكر عرفوا أنه قد وقع قبل ذلك فى يد صياد ويتعجبون متضاحكين ويطلقون سراحه. إنه كلب لطيف ، مضحك. والسلام.
وإذا ما ذكرنا أوصاف جميع مخلوقات النيل كما شاهدتها لاقتضى ذلك منا تأليف كتاب لأن النيل نهر عظيم كأنه البحر الخضم.
وثمة مملكة تسمى «بلاد علوه» فى جنوب ولاية أسوان ، إنها بلاد قليلة العمران وهناك منطقة تسمى «الأبواب» تقع فى الجانب الشرقى لتلك البلاد على ضفة النيل يتشعب النيل فيها سبع شعب ، وتجرى مياهه إلى عدة ممالك فى الجهة الغربية ويروى أراضيها ، ثم تعود مياهها إلى النيل ثانية وتختلط بها ، ولكل فرع منها لون خاص ، وتصب جميعها فى النيل. حتى إنه فى عام ١٠٨٣ فى عهد أبى الخير إبراهيم باشا جرى النيل شهرين بتمامهما ومياهه خضراء اللون ، فخاف الذواقة من شربها ، وكانوا يروون ظمأهم من بئر المطرية ، وغيرها من السواقى العذبة الماء. وثمة بئر تسمى بئر هامان وزير فرعون فى قليوب على مسيرة ثمانى ساعات من القاهرة ، وهى بئر عظيمة وفيها تدور دواليب اثنتى عشرة ساقية ، وماؤها رقيق ، وبعض العظماء والثراة يأمرون خدمهم بإحضار الماء من هذه البئر ويشربون منه ، ولا يشرب أحد من ماء النيل وهو أخضر. والسلام .. وهنا نكون قد انتهينا من الحديث عن قطع النيل وأوصافه وخواصه وسفنه وحشراته وحيواناته ومواكبه ، ولنذكر الآن المواكب الأخرى.
* * *