الفصل الأول
فى وصف فسطاط مصر بالقرب من جبل المقطم
بعد هبوط آدم أبو
البشر وصفى الله اهتدى إلى مصر ووطأتها قدمه ، وهى أول ما استوطن آدم أبو البشر
وابنه شيث ، وكذلك أبناؤه وقينان ومهلائل وهو النبى هود ، وابنه اخنوخ وهو هرمس
وفى العبرية اخنوخ ، أى إدريس ، وكان يقال عنه فى لغة أهل الجنة من الملائكة اخنوخ
هرمس ، وسموه بهذا الاسم لأنه كان يدرس العلم لبنى آدم والملائكة فكان يقال إدريس
النبى ، أما مهلائل فكان كاهن العصر فى علم النجوم وقد بدأ ذيوع علم النجوم بفضله
، أما فى عهد (شيث) فكانوا يسكنون فى الكهوف ولقد شاهدت فى ديار مصر هذه الكهوف
وهى تسع جند آل عثمان ، أما فى عهد (شيث) فكانوا يسمون أرض مصر (ايلون) وفى مصر
ولد اخنوخ وإدريس ، وأصبح سياح العالم وتعلم علم النجوم على يد مهلائل ، وتعلم علم
الكتاب من جبريل وعلم الحياكة بتمامه ، وفى الأربعين من عمره جاءته النبوة فى
مدينة (أسوان) ، وأصبح نبيا لقومه ، وأقام على ساحل النيل مائة وأربعين مدينة
وكانت له البراعة فى علم الهندسة ، والمهارة فى علم النجوم وشاع عنه أنه يعرف كل
غريب وعجيب فى جميع العلوم ، والمدن التى أقامها إدريس النبى على شاطئ النيل هى
الآن مدن عامرة ، وفى أرض الجيزة المواجهة لفسطاط مصر هرمان بناهما «سوريد» الحكيم
بفضل علم إدريس وحفظ فى الهرمين جميع الكتب والكنوز لعلمه وقوع الطوفان ، وبعد
وفاة آدم وإدريس أصبح هذان الهرمان كعبة للصابئة يحجونها فى كل عام. وكان الرجال
يحجونها من الجهة الشمالية أما الجهة الجنوبية فكانت خاصة بالنساء ، ولما كان آدم
ـ عليهالسلام ـ على قيد الحياة كان جيمع أبنائه يمضون من مصر إلى البيت
المعمور ويطوفون حول الكعبة الشريفة حجاجا ، كما كانوا حينا يقدمون إلى مصر وحينا
آخر يمضون إلى الشام إلى موضع قريب من «حوران» ، وهناك يسكنون ، وجاء فى تواريخ
الصابئة أن إدريس كان له فى علم الكتاب اليد الطولى والقدم الراسخة ، وكانت له
معرفة بكل ما فى الوجود ، ويحرر جميع الوقائع فى يوميات