ويحفظها فى جبال الأهرام ، واقتضت حكمة الله أن ينقضى زمان «شيث» ويوافيه الأجل.
ويقال إن إدريس دفنه فى جبل الأهرام ، كما كان الملك «مصرايم» والملك «بيطار» بن حام بن نوح ـ عليهالسلام ـ وهما ملكان قديمان ، مدفونين كذلك فى الأهرام ، وكان من أبناء «شيث» الملك «نقراوش» كاهن العصر وقد شيد فى مصر مدينة عظيمة سماها «أمسوس» وأمسوس فى العبرية بمعنى المدينة الجديدة وسمى القبط هذه المدينة الفسطاط وقد عمرت ورممت بعد الطوفان وسميت «مصرايم» ولذلك تسمى الآن مصر وفى اللغة اليونانية تسمى «مقدونية» وفى العبرية «زرابيت» أما فى العربية فاسمها «القاهرة المعزية» ؛ ذلك أنه عام خمسمائة وخمسة وسبعين كان السلطان معز الدين ملكا للمغرب ، وكان سلطان مصر سلطان الإخشيديين واستأذن الملك معز الدين من ملك الإخشيديين فى إقامة جامع فى مصر ، فأرسل من يسمى «قائد أزهر» ، وهو مملوك عربى ، ومال فى ألف خزانة ، وخمسين ألف نجار وبنّاء وعامل وحمّال ومعهم العدة والعتاد ، والعبد المسمى «أزهر» تولى أمر بناء الأزهر الذى تم بعد سبعة أعوام ، وانطلق معز الدين سلطان المغرب إلى مصر وأغار عليها ليلا ، كما أن جنده ادعوا أنهم إنما قدموا من المغرب إلى مصر لبناء جامع الأزهر ، واستولوا على مصر من يد أحمد بن على سلطان الإخشيديين جبرا وقهرا ، وأقام مصر الحديثة ، لذا يقال لمصر «مصر المعزيّة» ، ولذلك فأهل مصر جميعا يتسمون إما بقهّار أو بقابض على أنهم ينقبضون على رجال الله ، وتسمى مصر «أم الدنيا» (١).
أما نقراوش ، هو الذى عمّر مصر أى «أمسوس» بعد آدم ويمتد عمرانها مسيرة ثلاثة أيام ، و «نقراوش» هذا ملك مصر مائة وثمانين عاما ، ولما زايل الدنيا الفانية دفن فى جبل الهرمين ، وخلفه ملكا على مصر ابنه «نتراش» ، وقد كان مثل جده سيادة وكمالا وعلما.
__________________
(١) يأتى سبب تسميتها بذلك فى الفصل الثامن عشر من هذا الكتاب.