الفصل السادس والأربعون
أوصاف نهر النيل المبارك وهو ماء الرحمة
ليكن معلوما لدى الأخوة من السياح والرحالة أن الأقوال تضاربت كثيرا فيما يختص بالأنهار الجارية على وجه الأرض.
يقول عوفى عن ابن العباس رضى الله عنه : «إن على وجه الأرض عيون وجداول بقدر ما فى بدن الإنسان من شرايين».
وعلى حد قول بطليموس الحكيم على وجه الأرض مائتا نهر عظيم وأربع وأربعون ألف عين جارية. وهذه الأنهار لا يزيد الواحد منها على ألف فرسخ ولا يقل عن خمسين. ومن بين مائتى نهر عظيم أربعة عظيمة يمدحها الله والناس. أما أعظمها فالنيل المبارك وقد ذكره الله فى كتابه العزيز ست عشر مرة تصريحا وتنزيها. يقول تعالى : (كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ* وَزُرُوعٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ) الدخان : ٢٥ ، ٢٦. وقد فسر المفسرون هذه الآية أن المقصود بها أرض مصر ونهر النيل.
وفى آية شريفة أخرى : (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ) المؤمنون : ١٨. وقيل إن المراد بذلك أرض مصر ونهر النيل. وكم من آيات جاءت بشأن النيل.
كما وردت أحاديث نبوية كثيرة خاصة بالنيل. يقول المصطفى صلىاللهعليهوسلم : «سيحون وجيحون والنيل والفرات كلها من أنهار الجنّة» أخرجه مسلم منفردا بذلك (١).
وهناك أحاديث أخرى كثيرة إلا أننى اكتفيت بهذا القدر.
__________________
(١) صحيح مسلم بشرح النووى ، كتاب صفة الجنة والنار (١١) باب ما فى الدنيا من أنهار الجنة حديث رقم (٧٠٢) ، ولفظه : «سيحان وجيحان والنيل والفرات كل من أنهار الجنة». قال شارحه : سيحان وجيحان نهران بالعواصم عند المصيصة وطرسوس ، وهما غير سيحون وجيحون. وخطأ من قال من الشراح أنهما سيحون وجيحون اللذان ببلاد خراسان. وذكر مسلم فى كتاب الإيمان فى حديث الإسراء أن الفرات والنيل يخرجان من الجنة. وفى البخارى من أصل سدرة المنتهى.