وثلاثة جياد ومحبرة من الفضة الخالصة وبعض الكتب القيمة. فخلع عليه فروا فاخرا وثبته فى منصبه. وبعد الفراغ من هذه الوليمة خرج الباشا فى الموكب على صهوة فرسه وفى معيته جند الإسلام جريا على العادة القديمة ومضى الجند زرافات زرافات موجة بعد موجة مثنى مثنى منحازين جريا على عادتهم فى مظاهر الأبهة والعظمة.
ومر الباشا وعليه قلنسوته السليمية المزينة وعليه قباء من فرو السمور حاملا كنانته المرصعة واصطف الناس جميعا كبارا وصغارا رجالا ونساء شيوخا وشبابا على جانبى الطريق العام فى مدينة القاهرة لاستقباله ، وعندما لوح الباشا لهم بالسلام ارتفعت أصوات النساء بالزغاريد ودعا له الكبار والصغار والشيوخ والشباب قائلين : «حفظك الله وسلمك يا عزيز مصر يا والى مصر يا وكيل السلطان» ، وما إلى ذلك من شتى الألقاب. ثم جاء رئيس سقائى قافلة الباشا ومساعدوه يحمل كل منهم كيسا من المال ونثروا ما بها من مال على الفقراء الذين اصطفوا يدعون للباشا بكل خير ونال كل منهم نصيبه. آية : بسم الله الرحمن الرحيم (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ) الزمر : ٦٧ ، الأنعام : ٩١. واصطف كذلك صبيان المدارس الابتدائية على الطريق العام أثناء مرور الباشا وهتفوا بقولهم : «الله ينصر السلطان» ونال كل منهم كذلك من عطاء الباشا.
وعلى هذا النحو السابق عندما دخل الباشا من باب العزب وزع عطاياه على البوابين وعندما وصل من القلعة إلى قصره أطلقت سبعون أو ثمانون طلقة من القلعة وأقيم سماط فى قاعة ديوان الغورى دعى إليه جند الإسلام جميعا.
ويبلغ عدد المآدب التى تقام طوال سبعة أيام وليال بمناسبة الاحتفال بقطع النيل سبعين مأدبة.
هذا هو قطع النيل بمآدبه ومواكبه واحتفالاته ذكرتها على حد وقوفى على أمورها.
وتكثر الهدايا المقدمة للباشا بمناسبة قطع النيل ، وهذا ما سأذكره فى حديثى عن قوانين التشريفات فى مصر.
غير أنه فى عهد «جان بولاد زاده حسين باشا» تدهورت أوضاع مصر وساءت أحوالها إلى حد جد بعيد ، ولم يحتفل بقطع النيل ومع ذلك قدموا له الهدايا وإن