وألف صندوق من الحلوى وآلاف الأرطال من الفاكهة ، وثمانين جمل بعير من الخبز وخمسين قنطارا من البقسماط فى مياه النيل.
إن هذا والعظمة لله مشهد من مشاهد يوم الحشر. وقام عدة آلاف من المصريين بطرح أنفسهم فى النيل وراء هذه المأكولات فارتطموا ببعضهم البعض بفعل أمواج النيل ، ولم يضع شئ مما طرح فى النيل وأخرجوه كله ناحية ساحل النيل ، ولله الحمد لم يلحق الأذى بأحد منهم.
وفى ذلك اليوم رأيت الكثير من العراة وخيّل إلىّ أن إسرافيل قد نفخ فى الصور ، وخرجوا من قبورهم.
وإن إلقاء مثل هذه النعم والأطعمة فى النيل فى يوم قطع النيل هذا يذكرنا بطرح فتاة فى النيل فى عهد الجاهلية.
وقطع النيل وجرت مياهه من هذا الخليج حتى وصلت وسط القاهرة ، وروت ولايات قليوب والمنصورة والشرقية ، وزرع الرعايا والبرايا وعم الخير والسلام.
وما يسمى قطع النيل فى مصر يجرى على هذا النحو ، وهذا ما لا وجود له فى أى بلد على وجه الأرض. إنه مشهد يشتاق إلى رؤيته الملوك إنه مذكور فى جميع التواريخ.
وفى هذا الاحتفال شاهد الباشا هذه العجائب والغرائب ، وخلع خلعا فاخرة على الأغا الذى قام بتطهير الخليج ، وأمين الساقية والصوباشى والمحتسب أغا ، ووكيل خرجه وأمر برفع مرساة قاربه ، وعبر عن امتنانه ، وألقى السلم على جانبيه حتى رست سفينته عند قصر أم القياس ، وخرج مع جميع الجند والأعيان وأمراء مصر خارج السفينة وأدوا صلاة الظهر وسجدوا سجدة الشكر لقطع النيل ، وأكثر الجميع من الحمد والثناء ، ثم ضيف الباشا جميع أعيان مصر ومد سماطا عظيما يعجز عنه الوصف وهنا دعى أغا الإنكشارية الباشا إلى وليمة عند أثر قدم النبى صلىاللهعليهوسلم ، ولبى الباشا الدعوة ثم أذن الباشا بالإنصراف لجميع أعضاء الديوان والعلماء والأشراف بعد أن فرغوا من تناول الطعام وعاد كل إلى إدارته.