واستعادوا ما اغتنمه القائم بأمر الله من كنيسة قمامة ببيت المقدس وكانت فضيحة بكل ما تحمله الكلمة من معان.
وفى عام ٤٥٤ استولى الروم والفرنجة على مصر ، وتفشى فيها الطاعون أعواما عشرة بتمامها ، وشهدت الفسطاط هذا الخطب ، وكى لا يستولى الصليبيين على الفسطاط ثانية قدم (جوهر القائد) وزير المعز لدين الله الفاطمى من المغرب إلى سفح جبل المقطم الذى يبعد عن النيل مسيرة ساعة عام ٣٥٧ ، وجوهر القائد هذا هو أول من بنى مصر الجديدة ، وكان جوهر القائد مملوكا لأبى المعز ولقّبه بأبى الحسن وأصله غلام رومى ، ثم رباه الطواشى () (١).
وفى عام ٢٧ أصبح جوهر القائد وزيرا للمعز ، وفتح مدينة فاس فى المغرب ، وتلمسان ومراكش وطنجة والسودان وأسوان والحبشة واستولى على ممالك عشرين ملكا فى اليمن والعراق وفارس والهند والصين ، وذلك فى ستة أعوام ثم قفل إلى المغرب ، وبعد ذلك هبط مصر عام ٣٥٨ وبنى فيها مدينة القاهرة.
أما سبب تسمية مصر بالقاهرة فجاء فيه عدة روايات والصحيح أنه بينما كان جوهر القائد يرسى أساس مدينة القاهرة علق المنجمون ناقوسا فى حبل وذلك لرصد ساعة السعد حتى إذا رصدوها أرسى العمال ما فى أيديهم من أحجار فى أساسها ، إلا أن «العبد يدبر والله يقدر» فجرى قضاء الله بأن يحط غراب على ناقوس المنجمين وحينما نقر الناقوس ألقى البناؤون أساس مدينة مصر وكان الوقت وقت نحس من أوقات النجم المعروف بالقاهرة أى ما يعرف فى اصطلاح المنجمين بكوكب المريخ ، وهو جلاد الفلك ، وبذلك لم ينقطع جريان الدماء والحروب والفتن فى القاهرة ، وبما أن وضع الأساس لهذه المدينة كان فى طالع القاهرة سميت مدينة مصر بالقاهرة المعزية.
__________________
(١) بياض فى الأصل.