وهن عاريات بلا إزار ويسبحن كأنهن سمك من لجين ، ويغصن فى الماء ويصدن قلوب العشاق ويصعدن إلى الشاطئ.
وفى مواسم الخليج هذه فى القاهرة تلتقى الحسناوات مع عشاقهن بلا خوف ولا مبالاة وينزلون فى ماء الخليج ويعانق الحبيب حبيبته.
وتغدو وتروح آلاف القوارب فى الخليج ، وقد زينها أصحابها بالأعلام المختلفة الألوان ويجلس شباب العرب فى مؤخرة القوارب مع محبوباتهم مرددين (مصراع) : «احمل كأس المدام فى يدك وتعال لترشفها»
يرددون هذا وهم يرشفون الشراب فى كؤوس من زجاج ويعبرون الخليج على هذه الصورة ، وهم يتغنون بمختلف النغمات (مصراع) : «بادروا إلى المتعة فما متعة مثلها».
ويتغنون بهذا فيستخف الطرب بمن يسمع صوتهم الرخيم.
ومنهم من يربط زورقا فى آخر ، ويفرشون عليهما آلات الطرب من صنح ورباب ، وناى ، وطبل ، وقانون ، ويعزفون عليها باثنى عشر مقاما وأربعة وعشرين أصلا ويعزفون بلا انقطاع ، وكأن عزفهم هو عزف الفارابى وغلام الشادى. ويدوم الحال على ذلك ليل نهار وتزين القوارب بالقناديل وتستمر الألحان مع صيحات العشاق ، ولا يعد ذلك عيبا فى هذه الأيام ، وفى هذا الوقت تستر مساوىء القاهرة وتبرز محاسنها.
الخليج الثانى : (خليج السلطان أوزبك)
أسفل قصر العينى ، إنه خليج واسع ، يخترق فى جريانه الحدائق ، وينصب فى (بركة الأوزبكية) ، ومنها يجرى إلى أسفل حديقة العجم حتى يصل إلى جسر الليمون ، وما أكثر ما يروى هذا الخليج من حقول وبساتين ، ويمر أسفل جسر (الظاهر بيبرس) ويروى أراضى (قليوب) ويغيب ماؤه هناك.
أما الخليج الذى يخترق مدينة القاهرة يمر من تحت جسر (إبراهيم باشا) الجديد شمال المدينة ويمر بساحل (جميز العبد) ، ويقطع ثلاث مراحل حتى يصل إلى بلبيس ويرويها إنه خليج عظيم.