ظهورهم ويخرجونها منه. ودامت الحال على ذلك مدة من الزمن وذات يوم من عام ٧١٧ قتل الحاكم بأمر الله ووجد الناس الخلاص من شروره. لقد تحدثوا كثيرا عن سفاهة الحاكم بأمر الله وقالوا إنه فى مذهبه متأثر بالمعتزلة وعند بعض المؤرخين أنه لم يكن على أى مذهب كان. لذلك لا يصلى فى هذا الجامع كثير من الناس. ولقد أصبحت ساحته محكمة ولذلك كان فى وسطه طريق يقطعونه من باب النصر إلى باب الفتوح.
جامع الظاهر بيبرس
مملوك للعباسيين وأحد خلفائهم ، وجامعه فى الجهة الشمالية للقاهرة على أطراف المدينة وهو كذلك جامع كأنه القلعة وفى عهد الظاهر بيبرس أعمل السيف فى الصليبيين فى بيت المقدس ، وبعد أن فتحه بنى هذا الجامع من مال الغنائم. وليس فى القاهرة جامع مثله فى زخرفته وإتقان بنائه. ومساحته مائة وخمسة وثمانون قدما طولا وعرضا. وناحية محرابه مائة وسبعون عمودا من الحجر الصماقى الأحمر واليرقانى والزنبورى والرخام الأبيض. وكل عمود منها يعدل ما يؤديه الروم من خراج. ويتوسط المحراب قبة عالية يحملها اثنا عشر عمودا رخاميا غليظا وهى ترتفع إلى الأفلاك التسعة. وهى مزينة بالزجاج مختلف الألوان. والجدران فى طرف هذه القبة مكسوة من أسفلها إلى أعلاها بالرخام ، وأعلى هذا الرخام صورة لشجرة طوبى وكلستان على صفحة من الميناء ، وتحار العيون بمشاهدتها. وفى حرمه عدة أشجار نبق. وله ثلاث منارات صغيرة يبدو أنها ناقصة البناء ، والله أعلم. ولهذا الجامع ثلاثة أبواب. والمصلون فى هذا الجامع قلال. وقبة المحراب مكسوة بالرصاص. وفى القاهرة ثلاث قباب مثله مكسوة بالرصاص ولا وجود لسواهم. ويخترق هذا الجامع طريق أصبح طريقا عاما. وعلى الأعمدة سقف منقوش بالسيلو واللازورد. وليس له قبة حجرية. وفى جوانبه الأربعة زجاج منقوش. ودقة الصنع فى منبره ومحرابه ومكان مؤذنه لا وجود لها فى جامع آخر. والصنعة المعمارية فى باب قبلة حرمه لا مثيل لها فى ديار أخرى. إنه حقا جامع جدير بالمشاهدة.