وهى كذلك طولها أربعون قدما ولكنها بخط «حسن چلبى القره حصارى» وفى جدار قبلة هذا الجامع بابان يفتحان على سوق المغاربة ، وفى ركن الباب الأيمن منارة من طبقتين ، وفى ركن الباب الواقع على الناحية اليسرى منارة من طبقتين. وخلاصة القول أنها ثلاث منارات بديعة الصنع. كما أن للجامع منبر خشبى وقد نجر فكان كالسحر الحلال يحار عقل من يشاهده .. ومحرابه كذلك من الرخام المحلّى بالصدف وهو سحر إعجاز.
جامع الحاكم بأمر الله
كان أميرا من بنى العباس وبعد غارة هولاكو على بغداد فر منها إلى مصر ، وكان ساكنا فى قلعة الكبش. وظل خليفة إحدى وأربعين سنة وأقام هذا الجامع ، إنه جامع عظيم كأنه القلعة يقع بين باب الناصر وباب الفتوح. مساحته طولا وعرضا مائتا قدم. وللجامع سقف كثير النقوش يقوم على مائة وخمسين عمودا أبيض وليست له قباب حجرية ، وله حرم واسع كأنه سهل ، وفى منتصف هذا الحرم جدار مربع ، وبداخله حديقة ، وفيها الورد والريحان والنبق ، وفيها نخيل. ومنبره خشبى مزخرف ، ومحرابه من الطراز القديم ، ولكنه متقن الصنع وله ثلاثة أبواب : أولها باب القبلة وهو متجه إلى باب الناصر. والآخر يتجه إلى باب الفتوح ، أما الثالث فيتجه إلى اليمين. وله ثلاث منارات ، أما المنارة التى تتوسط المحراب ضيقة بحيث لا يستطيع رجل أن يصعدها ويمكن أن يصعدها طفل ، ومنارتان كأنهما برجان ركينان ، طبقاتها السفلى تتسع لخمسمائة رجل يعلوها (شريفة) بديعة الصنع وفوقها طبقة أخرى أصغر وهى كذلك مزخرفة ، وهذه المنارات تشبه عمامة البكتاشية طبقة طبقة.
جملة القول أنها منارات رائعة. ولقد بنى الحاكم بأمر الله هذا الجامع ورتب للقائمين عليه اللبن والتمر والسكر. ومع ذلك لم يكن الناس يأتون إلى جامعه وفى النهاية ملأ الجامع الأزهر بالقمامة وبذلك ملأ جامعه بالناس ونسى جميع العلماء أنهم لا يجدون فيه الملائكة التى يجدونها فى الأزهر. وفى النهاية فروا من جامعه الواحد تلو الآخر. وكانوا يتلون القرآن فى الأزهر على الزبيل وكانوا يحملون القمامة من الأزهر على