وانخفاض باب من طبقة واحدة بعده بعشرة أقدام باب آخر من طبقة واحدة وبعبور باب ذى طبقتين يكون الخروج إلى ميدان القصر وهو سهل واسع وهو ميدان محيطه ألف قدم وفى جوانب هذا الميدان الأربعة حجرات أغوات الباشا وجامع «دهيشة» فى هذا الميدان. وقصر رئيس الديوان وقصر «رئيس الذواقة» و «رئيس الخزنة» كل هذه القصور جميعا تطل على هذا الميدان. كما أن ديوان قايتباى وديوان الغورى وقصر «المقابله جى افندى» (١) و «البارودخانه» وقصر كتخدا البوابين والشطّار وحملة البنادق تطل على ميدان القصر هذا .. ويطل على هذا الميدان كذلك باب المطبخ المكشوف وبالدخول منه نواجه بقلعة من طابق واحد هى مطبخ «كيكاوس» وبالمرور من الباب الكائن فى ميدان على قنطرة وتحته منارة يتم الوصول إلى قصر المطوّعة وهذا الموضع قلعة أخرى قائمة بذاتها. أما المطبخ فهو قلعة حصينة ولها ثلاثة أبواب وقد فتح البوابون هذا المطبخ للسلطان سليم. وبما أن السلطان سليم ورجاله دخلوا من هذا الباب سمى «باب السليمية».
ومنذ أربعين عاما دفن أعرابى أعمى تحت هذا المطبخ وكان يقول : «سلطان سليم شوى شوى» وكان ذلك عام ٩٢٣ ولأبنائه راتب من الدولة وطعام دائم من مطبخ القصر ، حقا إن هذا لتاريخ عجب ويقول البعض إن هذا التاريخ جفر.
ولكن باب سليم هذا لا يستعمل إلا إذا مر الباشا إلى هذا الجانب أو أن يموت أحد الأغوات أو إذا جد أمر سرى فإنه يفتح .. إنه باب عظيم متين من الحديد ، وفى قلعة هذا المطبخ مائة وخمسون مقرا للطهاة وحمامات صغيرة خاصة وفى زواياهم أئمة مؤذنون. وما فى مطبخ الخليل هذا من النعم ما لم يشاهده بلد آخر. وجريا على العادة يطبخ فى ثلاث قدور عظيمة ليل نهار الحساء وهو حساء العدس والأرز والقمح وتوزع على جميع الفقراء عدة آلاف علبة وقصعة من هذه النعم صباح مساء ، إلا أن ذلك خاص بالفقراء وحدهم. وفى المطبخ مائتا موقد ويطهى عليها فى الأسبوع خمسة عشر ألف صحن. وهذه نعمة عظيمة تمنح فى ديوان الغورى للخواص والعوام (وَما مِنْ دَابَّةٍ
__________________
(١) الموظف المسؤل عن مطابقة المسودات والمبيضات فى المحررات أى المراجع.