السنوى على الوجه المضبوط والمحفوظ بمفرداته فى الدفاتر والتى هى عبارة عن الحصيلة الداخلية رلى الخزينة من قلم الروزنامة والمحاسبة وسائر المقاطعات ومن خراج الزراضى وسائر الأقلام المتفرقة ، عندما أشرق على ديوان مصر العالى فى أسعد الساعات والأوقات ، تبين أن عدم كفاية الأموال المحصلة لنفقات الإدارة المصرية ، ناشئ عن الاضطرايات فى زمن الوزراء السابقين ، إلى تاريخ تصدر ديوان مصر العالى ، لذا كانت النفقات السنوية تزيد على الإيرادات ، مما أدى إلى نقص الأموال المقرر إرسالها إلى الآستانة ، بمقدار أربعمائة وأربعين كيسا وسبعة عشر ألفا ومائة وثلاثون بارة فى كل عام ، عن المبلغ المقرر ومقداره ألفا ومائتى كيس مصرى. كذلك نقص الذخائر السلطانية وغيرها من اللوازم الضرورية المعتاد إرسالها إلى خزائن القصور العامرة فى الآستانة ، مقدار واحد وأربعين كيسا وثلاثة وعشرين ألفا ومائة وخمسا وثلاثين باره ، بحيث لزم لإتمام الخزينة كل سنة مبلغ أربعمائة وأربعة وثمانين كيسا مصريا وخمسة آلاف ومائتين وثمان وثمانين بارة.
لذا عمد الوزير المذكور (اسبغ الله تعالى نعمه عليه) إلى إعمال صائب الفكر وضبط الأراضى المحلولة والتى خلت من أربابها فى زمانه الآمن ، وجمع الأموال الضائعة ، فلما غطت الأموال المتحصلة بالمصاريف اللازمة فى زمنه السعيد ، أرسل الباقى بموجب الدفاتر التى تم تحريرها مجددا فى الأقلام بالتفاصيل إلى الآستانة السعيدة ، مشفوعا بتخليص عن أحوال البلد فصارت موضع نظر القبول السلطانى والالتفات الهمايونى لحضرة السلطان ظل الله ، كما أن الدفتر والتى رفعت إلى العتبة السنية ، جاءت مفرونة بالخط الشريف الهمايونى ، وجاء مضمونها المقرون بالسعادة على النحو التالى «فليكن معلوما لديك يا وزيرنا أبو الخير إبراهيم باشا فى محافظة مصر نادرة العصر التى هى باب الحرمين الشريفين حينما يبلغك خطنا الشريف أنه قد ورد إلى عتبتنا السنية دفتر خزينة مصر وكتابها الخاص ، فألفينا الإيرادات والمصروفات قد نظمت وفقا لصلاح الدين والدولة ونظام أحوال المملكة بشكل لائق ومناسب ، إذ تم تصحيح ما كان يبدو فيها حتى تلك اللحظة من خلل ، وقد ألقينا نظرنا الهمايونى على الكشوف الإجمالية