العملة خمسمائة رجل وكلهم يتبعون الدفتردار ، أما أمين دار سك العملة فهو أغا الباشا. أما صاحب الكلمة فصاحب العيار ، والدفتردار يتبعه. ولأن صاحب العيار مسئول عن السكة وعن العيار إذا وجدت عملة مزيفة قطعت يد صاحب العيار ، وجميع خدام دار سك العملة تحت رياسته ، وله خمسون سمسارا يهودى وخمسون نحّاسا وخمسون صائغا وعشرة (هدفكار) وعشرة وزانين وخمسون (كهله دار) وعشرون دقاقا وعشرون سكاكا وعشرة من الدولابجية وعشرة حلائين ووزّان وسكاك وعشرون حارسا وليس لهؤلاء عمل آخر غير ذلك وكل من جاء من بيته خلع ما عليه من ثياب ولا يلبس إلا الثياب الرسمية الخاصة بدار سك العملة والحراس يفتشون الخدام القائمين على العمل فى هذه الدار ، ربما كان فى ملابسهم شىء مزيف وإذا ما وجد فى ثيابهم شىء فإن الحراس يرقبونه. وكل شىء يقدم ويأخذ بالوزن وبعد سك العملة تترك ثانية على النار وإذا ما خرجت الأقجة من النار سوداء جىء بصاحب العيار فى دار الضرب وتقطع يداه بقطع النظر عن كونه بك أو باشا ، ولرئيس دار سك العملة مرتب يومى وهو محجوز فى حجرته على الدوام ويسلم ما سك من عملة لصاحب العيار ويختم عليه فى الخزانة وللخزانة خمسون حارسا وهذا عمل شاق. ومن رأى دار سك العملة فى مصر كان فى غنى عن رؤيتها فى غيرها لأن الذهب جميعه يأتى من خزانة مصر وفى دار سك العملة هذه يصهر الذهب ليلا ونهارا ، ويذاب خامه ويحول إلى أسلاك تقطع ، ثم تدق ، ثم يسك بمحله ، ويصقل ، وعندما يخرج من دار السكة وتداولته مائة وسبعون يدا أصبح بلاء عظيما ولكنه بلاء حلو كالجماع ، ولكنه حلو كذلك لأهله أما لغير أهله سم أقتل من سم الأفعى وحينما كان الذهب يتكوم فى مصر كالجبال ضاع كأنه طيف خيال كما أنه وهم خيال كذلك لمن يصدون عن دنياهم ، وغرضنا من هذا التفصيل هو التحقيق وإلا فلله الحمد على قناعتنا.
أوصاف حكام مصر وسادة ديوانها
وفى مصر تيك كتخدا الجاويشية دفتردار الباشا ، وهو بك بمقتضى القانون وله علاوة