ومنذ فتح السلطان سليم لمصر ظهر فى بلاد المغرب تبر الذهب الذى سمى «أوجيله» وصارت «أوجيلة» كشوفية عظيمة ، وعلى عهد السلطان إبراهيم ، وفى أيام مقصود باشا وزير مصر استولى مقصود باشا هذا على طرابلس وبها كشوفية أوجيله الموجود بها المعدن النفيس ، وهى إلى الآن فى حوزته ويستمد منها الذهب. أما السنجق الثامن فهو المنصورة والتاسع القليوبية والعاشر جيزة يوسف ، والحادى عشر بنى سويف ، والثانى عشر فيوم يوسف ، والثالث عشر المنيا ، والرابع عشر منفلوط ، والخامس عشر جرجا ، والسادس عشر الواحات ، والسابع عشر ابريم ، وكل هذه السناجق والأقاليم وأمرائها تجرى حساباتها بالحساب القبطى من عام إلى عام وما تبقى فى الذمة يقدم إلى دفتردار السلطان ، وهذا ما يودع خزانة السلطان ، وفى كل سنجق ثلاثمائة أو أربعمائة قرية وبلدة معمورة وأعظم هؤلاء البكوات بك جرجا فهو يحكم بلاد الفونج وبلاد البربر والسودان وأوجيله والمغرب ، وله خمسة آلاف من الجند ويمنح بعض البكوات طوغان (١) ، ويتحصل من مصر القديمة فى كل عام مائة ألف أردب من الغلال ، ويقدم إلى جند مصر العلف والخبز. كما تعطى من المال السلطانى مائتا كيس ويقدم إلى إدارة الباشا ثمانون كيسا ولجند جرجا راتب قدره مائة كيس وهى محسوبة عليه ، ومن إقليم الصعيد يرسل بك جرجا أربعمائة ألف أردب من الغلال ويتبقى له فى العام مائتا كيس وبعد المصاريف يسمى الصعيد العالى ، وهو صعيد مصر ، وهذا ما خص به الله الصعيد وهذا ما سوف يذكر فى موضعه بإذن الله.
وديوان باشا جرجا هذه يشبه ديوان باشا مصر تماما حيث يجتمع فيه أعضاء الديوان ويكثر فيه الأخذ والرد والتسليم والتوقيع والعقد والحل. وهو ديوان يعجز اللسان عن وصفه. وتحت إدارة حاكم جرجا أربعة وعشرون كشوفية وهو يخلع على هؤلاء الكشافين الخلع. وهؤلاء الكشافين هم من نتحدث عنهم حسب ما جاء فى القانون.
__________________
(٢) الطوغ : ذؤابه ، أو خصلة تصنع من شعر الخيول تستخدم شعارا مميزا. لمزيد من التفصيل انظر : معجم الدولة العثمانية ص ٨٦ ـ ٨٧.