ثلاثة أيام وثلاث ليال يدخلون القاهرة فى موكب عظيم. وجميع موالى مصر ووزرائها المعزولين يمكثون فى قبر طومان باى طالبين المدد من روحه الشريفة ، ويمضون إلى هذا القبر قبل خروجهم إلى أى مكان ، إن هذا القبر مزار عام ، ويسمونه العادلية ، إنه حديقة كحديقة إرم.
أمر السلطان سليم بصلب طومان باى ودفنه ، إلا أن الناس لم يهدأ لهم بال فى القاهرة ، فكانت مناوشات تقع لأن دولة طومان باى والغورى كانت دولة عظيمة ، وقد حزن خيرة بك على الغورى وهو الذى كان دليل العثمانيين إلى مصر.
ولما تولى الحكم نكث الشراكسة جميعا عهدهم وتحصنوا فى المدينة ، وقاتلوا ، وأمر خيرة بك العرب بأن تقول «الله ينصر السلطان طومان باى» ، وأسمع ذلك السلطان سليم ، وكان خيرة بك هو السبب فى قتل طومان باى ، وهذا ما أغضب المصريين منه.
وأجبر العرب أن يتعاهدوا وجنّد الأروام ، كما أن جنود العثمانيين فتحوا مصر فى سبعة أشهر بعد إلحاق الهزيمة بجنودها ، واستقل خيرة بك بالوزارة فى مصر ، فاطمأن السلطان سليم وتلقى الأسطول العثمانى هذا الخبر وقدم إلى الإسكندرية سبعمائة سفينة ونزل الجند بلا خشية ووصلت بشرى فتح الإسكندرية إلى سليم وقد أقيمت الاحتفالات ودامت سبعة أيام لفتح القاهرة ودمياط والإسكندرية ورشيد وآل الملك فى مكة والمدينة لآل عثمان ، وأرسل السلطان سليم إلى أشراف مكة وتبابعة اليمن ونجاشىّ الحبشة وققان فونجستان وملوك الفور ودنقله وأفنو بورنو وسلاطين السودان ، وفاس ومراكش وسلاطين بلاد المغرب ، والبيت العباسى فى بغداد وملك الهند والشاه إسماعيل شاه العجم وحكام البصرة ولحسه وعمان أى جميع السلاطين والملوك رسائل المحبة يقول فيها : «أنا فاتح مصر خادم الحرمين الشريفين».
واستقل السلطان سليم بملك مصر وشغل نفسه بألزم ما يلزم مصر وقام شغب فى قصر قيتباى فى الصباح ولم يبد شىء ولكن وجد فى جانب من القصر أوهاق طول الواحد منها خمسين باعا ، ورآها سليم فسخط على القاهرة. فانتقل إلى قصر عين القبة وهى الآن تكية للبكتاشية وبما أنه درويش نزل عدة ليال ضيفا عليهم ومقصورتهم باقية هناك فغادرها ، وحقا إن الروضة من رياض الجنة.