فقال طومان باى هل الملك الذى ورثته عن والدك أن تقتل هذا القدر من عباد الله بسبب طمع الدنيا ، من سيجيب عن سؤالهم يوم الحساب.
فقال السلطان سليم : لقد ساعدت العجم لذا فأنت تستحق القتل ، فقال طومان باى : حاشا لله ، ما كان منا عون. إن علىّ الدولة ألبس فرقة من أشراف التركمان سراويل حمرا وسماهم بأسماء مصرية ، وقال : إن هذا هو المدد من مصر ، وحاشا أن تكون قطعت عنق علىّ الدولة وأرسلت رأسه إلى الغورى فانتقمت أنت ، وماذا تطلب غير ذلك. فقال سليم : إنك قتلت رسلنا. فقال طومان باى : إنهم بسطوا لسانهم بالفحش فى حضرة الغورى ولذا قتل منهم عشرة ، أما الاثنان الباقيان فلم ينطقا ببنت شفة فأطلق سراحهما.
قال سليم : لماذا حاربتنى كل هذه الحروب؟
قال طومان باى : ما دمت قد أغرت على أهلى وعيالى وجئت لتقاتلنى فأنا مقاتلك إلى يوم الدين.
قال سليم : لماذا مثلت فى حضرتنا؟
رد طومان باى : إن الرسول صلىاللهعليهوسلم هو الذى أرسلنى ، وهذا ما أقدمنى عليك.
وفى النهاية ألفى سليم أن كل كلامه هو الحق.
فقال سليم : ولماذا قالوا : «الله ينصر السلطان طومان باى ..؟» قال : إنى أقمت العدل فى الفقراء ، ولم أنسهم وهم الآن يحاربون فى الصعيد فاعدل أنت كذلك ، وكف عن الحرب ، وهم يتبعونك وعندما قال ذلك أمر سليم خيرة بك بصلب طومان باى على باب زويلة ويظل سبع ساعات ثم ينزل. وسار السلطان سليم فى جنازته من باب النصر حتى بلغت العادلية كما حمل نعشه على كتفه ، لأن السلطان طومان باى كان يحفظ القرآن ومن أهل العدل والعلم ، حتى إن بناء العادلية منسوب إليه وهو مدفون فيه وقد كتب حول ضريحه تاريخ (تسعمائة) (١) وأقيم على ضريحه قبة عالية وأقيم كذلك جامع ، وكان الضيوف يجيئون ويروحون فى جوانبه الأربعة ، ولهم منازل ينزلون فيها ، كما أقيم قصر شامخ يستريح فيه وزراء مصر أول مقدمهم وبعد
__________________
(١) بياض بالأصل.