أبنائه ، أدرك أنه أمام عدو قدير وأن الدائرة ستدور عليه وأن العثمانيين يريدونه بالسوء. وأطلق سراح الأسرى كما أطلق سراح عمّنا ، ومضى إلى القدس الشريف ، وصرف نظره عن رفع العلم ودق الطبل ، ووجد فى القدس قبر (طور زيتا) فرممه.
وبسبب ظلم الجراكسة النحس وطغيانهم فى مصر فإن أذاهم لم يقتصر على الرعايا والعامة بل امتدليشمل من يقال لهم فلان بن فلان وعيالهم ووكالاتهم ونالهم من الجند ذوى الشقاوة ما نالهم ، وقدم من مصر كثير من أولياء الله إلى الشيخ أبى السعود الجارحى والشيخ مرزوق كفافى يشكون ، كما تشاور العلماء والصلحاء فى الأمر ، وقالوا : إذا مضينا من مصر إلى المغرب وجدنا قوم سوء ، وإذا مضينا إلى الهند كانت بلادا بعيدة ، وإذا مضينا إلى العجم وجدنا فى مذهبهم شبهة ، وإذا مضينا إلى الأكراد فدولتهم لا ثبات لها ، فهلموا لنذهب إلى آل عثمان فإنهم مؤمنون موحدون ، كما إنهم يحبون العلماء والصلحاء والمشايخ ، وهم أهل الشرع وأصحاب السيف ، وحيثما مضوا كان النصر لهم ، هلموا لنمض إليهم. فتم اتفاقهم على ذلك وقرأوا الفاتحة وهتف كل من الشيخ أبو السعود الجارحى والشيخ مرزوق كفافى قائلا : تعال يا سليم! تعال يا سليم! تعال يا سليم!
وكان السلطان سليم فى مشتاه بأماسيه مع وزرائه يتشاور ، فقال الطواشى سنان باشا ويونس باشا : إننا سمعنا من قال تعال «يا سليم ثلاث مرات وقيلت صراحة. فقال السلطان سليم : عندما كنت فى سياحتى بمصر مع حليمى قال أبو السعود الجارحى ومرزوق كفافى بالمكاشفة : يا سليم روح اجلس على تخت ابوك .. وإذا ما دعوناك إلى مصر فأقدم» هذا ما قالاه. وهذا لصوت الذى وصل إلى مسامعكم هو كلامهم. هيا نعد العدة على وجه السرعة.
قتل السلطان سليم الأول لإخوته وأبناء أخوته
وبينما كانوا يعدون العدة لغزو مصر ، جاء المستغيثون إلى سليم وقالوا : لقد شق أخوك قورقود من ناحية وأخوك أحمد عصا الطاعة من ناحية أخرى ، وضاعت منك الولاية ، فاتجه سليم نحو السلطان أحمد وفى بورسه بجوار يكى شهر (١) حاربه ، وفى
__________________
(١) تقرأ ينى شهر.