وبذلك بدأوا فى القتال. أما سليم فلم يتحرك. فأطلقوا على جند سليم البنادق والمدافع ، وفى وادى «أوغراش» واجه الفريقان كل منهما الآخر واختلط المتحاربون ودارت الدائرة على عسكر سليم وفرّ صوب الطونة واتصل بعلماء الصوفية وانهزم على ساحل البحر الأسود ، وفى موضع يسمى وارنه ركب فى سفينة ثم انطلق إلى حاضرته القديمة طرابيزون ولزم الصمت ، أما نائبه (صارى قيابك) فكان الحاكم فى طرابيزون كما أن (على بك) قام بالحراسة وتولى الأمير سليمان شئون كفه.
سيرة السلطان سليم خان
إن سيرة السلطان سليم هذه أوردها فى أمانة من أبى ، انتقل والدى الدرويش محمد ظللى ـ رحمة الله عليه ـ من دار الفناء إلى دار البقاء وله من العمر مائة وسبعة عشر عاما ، وعلى ما تجولت سائحا لم يتشرف أحد مثلى بمصاحبة ثلاثين سلطانا من آل عثمان ، ما عدا السلطان سليمان خان الذى صاحبته فى غزوة سيّدوار وكنت حاضرا حارضة فتح قبرص مع القائد مصطفى باشا وأرسلت مفاتيح قلعة (ماغوسه) إلى السلطان سليم الثانى وبعد ما أحسن وأنعم علىّ منحنى رئاسة جوهرى الباب العالى ، وأعطانى المنشورات الدائمة ، وفى عهد السلطان أحمد صنع والدى الميزاب الذهبى للكعبة فى مكة ، ووضع على سطح الكعبة ميزاب الرحمة مع خدمة أمانة الصّرة. والغرض من هذا تبيان أنه كان شيخا مجربا خبيرا ، وقزو على أغا الذى كان يسير فى ركاب السلطان سليمان خان ، مات وله مائة ثمانية وأربعون سنة.
واجتمع عبدى افندى صاحب منزل برنجى زاده ومحمد افندى قره فرو عرب ، وبمقدم هؤلاء الشيوخ سررت بهم ، وبينما كانوا يتحدثون مع أبى دخل رجل نحيف يتوكأ على خدم وما إن ظهر من الباب حتى نهض جميع الجالسين مع أبى فقدموا لاستقباله فى إجلال وإعظام وأجلسوه على أريكة عالية ورحبوا به.
وكان رحيق البرش والقهوة مما يشرب على نطاق واسع وتحدثوا وانتشوا ؛ فأمالوا قلانسهم ، وجعلوا يهزون ؛ فقال قزوعلى أغا الذى كان يسير فى ركاب السلطان سليمان : يا عزيزى حليم جلبى افندى بحق روح سيدك السلطان سليم الأول وكرامة