ما سنذكرها إن شاء الله تعالى. ويقع في هذا البحر أيضا المدّ والجزر في اليوم والليلة مرتين.
قال الشريف الإدريسي في كتابه المسمى" نزهة المشتاق" : إن المد والجزر الذي رأيناه عيانا في بحر الظلمات : وهو البحر المحيط بغربي الأندلس وبلاد برطانية ، فإن المدّ يبتدئ في الساعة الثالثة من النهار إلى أول الساعة التاسعة ، ثم يأخذ في الجزر ست ساعات مع آخر النهار ، ثم يمتد ست ساعات ثم يجزر ست ساعات ، هكذا يمد في اليوم مرة وفي الليل مرة ، ويجزر في اليوم مرة وفي الليل مرة أخرى ؛ وعلة ذلك أن الريح تهيج هذا البحر في أول الساعة الثالثة من النهار ، وكلما طلعت الشمس في أفقها كان المدّ مع زيادة الريح ، ثم ينقص الريح عند آخر النهار لميل الشمس إلى الغروب فيكون الجزر أيضا ، وكذلك الليل تهيج الريح في صدره وتركد مع آخره وزيادة الماء في المدّ تكون في ليلة ثلاث عشرة ، وليلة أربع عشرة ، وليلة خمس عشرة ، وليلة ست عشرة ، وفي هذه الليالي يفيض الماء فيضا كثيرا ويصل إلى أمكنة لا يصل إليها إلا في تلك الليالي من الشهر الآتي ، وهذا يراه أهل المغرب مشاهدة لا امتراء فيه ، ويسمون هذا المد فيضا.
ذكر بحر الروم : وهو البحر الخارج من أوقيانوس في جهة الشرق ، وابتداؤه من عند طنجة ، وهو يخرج بين طنجة وسبتة وغيرهما من بر العدوة وبين الأندلس ، ويسمّى هناك بحر الزقاق وهو ضيق هناك ، وكان في الزمان القديم سعة الزقاق ، وهو من بر العدوة إلى بر الأندلس عشرة أميال.
قال الشريف الإدريس : وذلك ثابت في الكتب القديمة ، وأما في زماننا هذا فإنه اتسع عن ذلك. قال ابن سعيد : وقدر ثمانية عشر ميلا في زماننا هذا ، ولنبتدئ فنذكر هذا البحر من طنجة وسبتة اللتين من بر العدوة ، ثم نذكر جوانبه حتى ننتهي إلى البر الآخر من الأندلس إلى مدينة الجزيرة الخضراء