أهديت إلى المعتضد فضربت عباسة فساطيطها بهذا الموضع ، ثم بنت به قرية وسميت عباسة باسمها.
ومما هو داخل في حد مصر الجفار : وهو المعروف برمل مصر وبه منازل للسفارة أشهرها وأكبرها قطية ثم الورادة ، وبهما سكان ونخيل ، والذي يحيط بالجفار بحر الروم من رفح إلى بحيرة تنيس ، ومن بحيرة تنيس إلى القلزم ، ومن القلزم إلى تيه بني إسرائيل ، ومن تيه بني إسرائيل إلى بحر الروم عند رفح من حيث ابتدأنا.
وأما تيه بني إسرائيل فيقال : إن طوله أربعون فرسخا وعرضه قريب من طوله ، وأرضه صلبة وفيها رمال وبها عيون ردية الماء ، ويحيط به الجفار ، وحدود القلزم ، وحدود بيت المقدس ، ومن الأماكن المشهورة بالجفار رفح ، وهي منزلة في طرف الجفار من جهة الشام على مرحلة من غزة والعريش ، وهو الآن منزلة على شط بحر الروم ، وبها آثار قديمة من الرخام وغيره ، وهي في الغرب والجنوب عن رفح على مسيرة يوم.
والورادة : وهي ذات عمارة بقدر قرية ، وهي وسط الرمل بين مصر والشام ، وهي عن العريش ـ في جهة الغرب والجنوب ـ على مسيرة يوم أيضا ... قال ابن مظرّف في الترتيب : وسمي الجفار لأن الدواب تجفر فيه أي : تهلك من السير لبعد مراحله ومشقة السير فيه فتهلك فاشتق الجفار ، كما قيل العقال والخطام والحجاز ونحو ذلك.
قال ابن حوقل : وفي أخبار مصر أن الجفار في أيام فرعون كانت معمورة بالقرى والمياه وعنها قال الله تعالى : (وَدَمَّرْنا ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَما كانُوا يَعْرِشُونَ) ولذلك سمي العريش عريشا.